قال رياض المالكي، مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدولية ومبعوثه الخاص، إن “قضية فلسطين تمثل اختبارًا مهمًا للمحكمة الجنائية الدولية”، مذكرًا الدول الأطراف بمسؤولياتها تجاه المحكمة.
جاءت تصريحات المالكي خلال مقابلة مع وكالة الأناضول على هامش مشاركته في الاجتماع الـ23 للدول الأطراف في المحكمة الجنائية الدولية، الذي انعقد في مدينة لاهاي الهولندية بين 2 و7 ديسمبر/كانون الأول الجاري.
وكانت المحكمة قد أصدرت في 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي مذكرتي اعتقال دوليتين بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة على قطاع غزة منذ أكثر من عام.
وأشار المالكي إلى أن المحكمة، رغم افتقارها لقوة شرطية لتنفيذ قراراتها، تجعل الدول الـ124 الأعضاء فيها ملزمة قانونيًا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما لاتخاذ الإجراءات القانونية. يأتي ذلك على خلفية حرب الإبادة الجماعية المستمرة بدعم أمريكي منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، والذي أسفر عن مجازر مروعة في غزة.
مسؤوليات الدول الأعضاء
وأكد المالكي أهمية التزام الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية بتعهداتها، مشيرًا إلى أن الاحتلال الإسرائيلي والولايات المتحدة ليستا من بين هذه الدول. وقال: “القضية الفلسطينية اختبار حاسم للنظام القضائي الدولي، والمصداقية القانونية للمحكمة على المحك”.
وتحدث المالكي عن حجم الكارثة الإنسانية التي خلفتها حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية، موضحًا أن عدد القتلى والجرحى الفلسطينيين بلغ نحو 150 ألفًا، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى 11 ألف مفقود. كما تسبب الحصار والدمار في مجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال وكبار السن، في واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.
وأعرب عن ارتياحه لإصدار مذكرتي الاعتقال، لكنه شدد على ضرورة استمرار التعاون الفلسطيني مع المحكمة. وأشار إلى تردد بعض الدول الأعضاء في تنفيذ القرارات، معتبرًا ذلك دليلًا على انتقائية المحكمة، مضيفًا: “إما أن تثبت المحكمة أنها للجميع أو تُظهر أنها انتقائية تُعاقب فقط دول الجنوب”.
التهديدات ضد المحكمة
وحذر المالكي من التهديدات التي تواجه المحكمة من “إسرائيل” وداعميها، وخصوصًا الولايات المتحدة. وقال: “شاهدنا تهديدات موجهة إلى المحكمة والقضاة وكل من يسعى لتنفيذ مذكرتي الاعتقال”، مضيفًا أن هذه المذكرات جاءت نتيجة تحقيقات شاملة أجراها مكتب المدعي العام كريم خان، وهي قرارات قانونية تستند إلى أدلة واضحة.
وأكد أن المحكمة تواجه اختبارًا مصيريًا، قائلًا: “إذا لم تتحرك المحكمة ولم تلتزم الدول الأعضاء بتنفيذ قراراتها، فسيُثبت ذلك غياب سيادة القانون، ويكشف عن ضعف هيكلها الذي يتطلب إعادة النظر في موقفنا تجاهها”.
وأوضح المالكي أن الجانب الفلسطيني نظم برنامجًا خاصًا لتنفيذ مذكرتي الاعتقال على هامش اجتماع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، مضيفًا: “وجودنا في هذا الاجتماع يعكس عضويتنا في جمعية الدول الأطراف، ويؤكد أهمية العمل المتواصل لدعم القضية الفلسطينية”.
واختتم حديثه بالتشديد على أهمية الالتزام الدولي بقرارات المحكمة لضمان العدالة ومساءلة مرتكبي الجرائم.