المقاومة الفلسطينية بين الإنجاز العسكري والتفوق الأخلاقي: كيف قلبت طاولة الاحتلال؟

رئيس التحرير بمؤسسة فيميد، أ. إبراهيم المدهون

اليوم، شهدنا تسليم الدفعة الرابعة من الأسرى الإسرائيليين، وهي دفعة لم تكن مقررة بهذا التوقيت، إذ كان المفترض أن تكون الثالثة، لكن المقاومة باغتت الاحتلال والعالم أجمع بعدد الأسرى الأحياء الذين تمكنت من الاحتفاظ بهم رغم حرب الإبادة. حتى أكثر مؤيديها تفاؤلًا لم يتوقعوا هذا العدد، ما جعل عمليات التسليم تتحول إلى حضور سياسي وإنساني مهيب.

في كل نقطة يتم فيها تسليم الأسرى، تنطلق رسائل سياسية دقيقة ومدروسة. اختيار جباليا، المستشفى المعمداني، بيت السنوار، مخيم الشاطئ والميناء، لم يكن عشوائيًا، بل تأكيدٌ على السيطرة الميدانية والقدرة على التحرك بمرونة رغم القصف والاستهداف. إنه إعلان سيادي بأن المقاومة هي من تضع القواعد وتدير المشهد، وأن الاحتلال، رغم جبروته، مجرد متلقٍ للضربات والصدمات.

المقاومة لم تكتفِ بهزيمة الاحتلال ميدانيًا، بل فرضت نفسها أخلاقيًا وإنسانيًا. لم يُسجَّل أي اعتداء أو إساءة بحق الأسرى الإسرائيليين، بل عوملوا وفق معايير أخلاقية تفوقت على قوانين الحرب واتفاقيات جنيف، في حين يمارس الاحتلال أبشع الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين، ما يفضح ازدواجيته الأخلاقية وسقوطه القيمي.

هذه المرحلة التي أعقبت وقف إطلاق النار لم تكن استراحة، بل تأسيسًا لما هو قادم. أُطلق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، وعاد النازحون، وتوقفت آلة القتل الإسرائيلية. الآن تبدأ المعركة الكبرى: تعزيز صمود شعبنا، إعادة الإعمار، ورفع الحصار عن غزة.

تدخل المقاومة المرحلة الثانية بأكثر من 60 أسيرًا إسرائيليًا، بينهم جنود وضباط كبار، ما يضعها في موقع تفاوضي غير مسبوق، يمكنها من فرض معادلات جديدة وتثبيت حقوق شعبنا.

Exit mobile version