بكثير من الإجراءات الوقائية والأمل العام الدراسي الجديد في تركيا يبدأ
فتحت المدارس أبوابها بعد طول انتظار في عموم تركيا مستقبلة طلابها الذين عادوا للتعليم الشخصي فور انطلاق العام الدراسي الجديد صباح يوم أمس الإثنين. وعاد حوالي 18 مليون طالب وأكثر من مليون معلم إلى المدارس حيث قررت البلاد إنهاء التعليم عبر الإنترنت للعام الدراسي الجديد.
فيما أشاد الطلاب والمعلمون بالعودة إلى التعليم الوجاهي واللقاء الذي تأخر طويلا بسبب جائحة الفيروس المستجد. ولم تتمكن الأقنعة الواقية والكثير من إجراءات السلامة والوقاية من إخفاء البهجة والفرح الذي أشعل الحماس في عيون الطلاب لمعاودة تعلمهم وجهاً لوجه وبناء مستقبلهم ومستقبل الأمة.
وكان استئناف التعليم الشخصي قرارا صعبا بالنسبة للسلطات المعنية، خاصة وأن الوباء لا يزال مستشريا في البلاد، حيث يمثل متغير دلتا سريع الانتشار غالبية الحالات.
لكن خبراء التعليم أشادوا بالقرار قائلين إن تأجيل العودة إلى المدرسة قد يسبب مشكلة اجتماعية أكبر، حيث يحرم الطلاب من التعلم المباشر الذي يعزز قدراتهم على اكتساب المعلومات. وتعتمد الدولة في قرارها هذا على برنامج التطعيم الذي تنفذه بكفاءة عالية، لتحقيق مناعة شاملة ودرء تداعيات العدوى.
وبدلاً من نموذج مختلط للتعليم عبر الإنترنت والتعليم الشخصي الذي تم تنفيذه العام الماضي لفترة وجيزة، ستفتح المدارس أبوابها 5 أيام في الأسبوع تماما كما كان الحال قبل الوباء. وستستمر مدة إعطاء الدروس 40 دقيقة على الأكثر لكن فترات الراحة بينها ستخضع لعدة قيود.
وأكدت وزارة التربية التركية للطلاب وأولياء الأمور والمعلمين أن جميع التدابير مطبقة داخل المدارس، من الأقنعة الإلزامية إلى المطهرات وقواعد التباعد الاجتماعي. كما طُلب من المعلمين وبقية موظفي المدارس إما تلقي اللقاح أو تقديم نتائج اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل السلبي PCR بشكل روتيني.
وفي الأسبوع الماضي، بدأ طلاب الصف الأول باكورة أعوامهم الدراسية بدروس توجيهية أعطيت على مدى 3 أيام، حضرها حوالي 2.3 مليون طالب في عموم البلاد، وكانت بمثابة فترة تجريبية للتعليم الشخصي وسط الوباء. ولم يتم الإبلاغ عن أي مجموعات كبيرة من الإصابات حتى الآن.
وأنشأت الحكومة نظاما رقميا لتتبع مئات المدارس في جميع أنحاء تركيا بهدف رصد أية حالات. وستقوم وزارة الصحة بتتبع جميع الحالات المحتملة إضافةً إلى الحالات المبلغ عنها في المدارس، وكذلك في أسر الطلاب عبر هذا النظام.
ويتم تزويد المدارس بأقنعة مجانية لجميع الطلاب ولا يُسمح لأولياء الأمور بدخول مباني المدرسة. أما في حالة الإصابة بالعدوى، فسيتم تطبيق إجراءات الحجر الصحي، ولن يتم التعامل مع الأشخاص المصابين بدون أعراض على أنهم “حالات”.
وفي مقابلة صحفية مع أحد طلاب الصف الثامن في مدرسة في ولاية صامسون في اليوم الأول من المدرسة قال الطالب “مراد آي”: “أنا سعيد بافتتاح المدارس. وأعتقد أن التعليم وجها لوجه أفضل لأننا لم نتمكن من فهم الدروس كثيراً في التعليم عبر الإنترنت” مضيفاً أم الدروس “لم تكن فعالة”. وأكد أنه وزملاؤه يلتزمون بالقواعد أثناء وجودهم في المدرسة.
أما الطالب “أوموت طوب كارا” من الصف الثامن أيضا فبدت أفكاره مختلفة قليلاً حيث قال: “أعتقد أن إعادة فتح المدارس له جانب إيجابي وآخر سلبي. فمن الناحية الايجابية فرحت كثيراً لأنني اشتقت لمدرستي أما من الناحية الأخرى فلا يزال الوباء مستمراً لذلك لا أزال أفضل التعليم عن بعد”.
وقالت “غولسوم تورودو” وهي والدة لتلميذين في المرحلة الابتدائية في منطقة “زيتين بورنو” في إسطنبول: “لدي طفلان في الصف الأول والثاني. وكان من الصعب على أولادي في العام الماضي خاصة بالنسبة لابني الأكبر أن يتعلم القراءة والكتابة. نتمنى ألا يحدث نفس الشيء هذا العام مع ابنتي”. وأضافت “طلبت من أبنائي الانتباه وتوخي الحذر والابتعاد عن التقارب والتلامس مع أي من زملائهم”.
وأكدت “عائشة طاشكين” التي أوصلت حفيدها إلى نفس المدرسة، أنه من الصعب على الأطفال البقاء في المنزل. وقالت: “لا يمكنهم تعلم كل شيء عبر الإنترنت. الأمر متروك لعائلاتهم لتعزيز تعلمهم ولكنه في الواقع أمر صعب. وأنا أفضل التعليم الشخصي”. وأشارت إلى الإجراءات الشخصية التي سيتخذها حفيدها بالقول:”لقد قمت بتعبئة المناديل المعطرة والأقنعة الإضافية والمطهرات في حقيبته المدرسية وطلبت منه الحفاظ على نظافة يديه”.
وكان الرئيس رجب طيب أردوغان أوضح يوم الاثنين أنهم عازمون على مواصلة التعليم الشخصي، وسعى أثناء خطابه أمام طلاب إحدى المدارس الثانوية في إسطنبول، إلى طمأنة الطلبة وأولياء أمورهم، مضيفاً أنه تم اتخاذ جميع إجراءات الوقاية اللازمة.
وتحدث أردوغان عن جرعات اللقاح الإجمالية التي تناولها حوالي 100 مليون مواطن حتى الآن، إذ يحق لكل مواطن الحصول على لقاحات مجانية وبإمكانه الوصول إليها بشكل سهل وسريع.
وقال أردوغان: “لقد أحرزنا تقدما هاما في وقت واجهت فيه العديد من الدول تحديات كبيرة فيما يتعلق بالتطعيم الشامل”. ومشيرا إلى البنية التحتية الرقمية لوزارة التربية الوطنية التي تتابع عن كثب جميع العمليات المتعلقة بالوباء.
ودعا أردوغان جميع المواطنين وخاصة المعلمين وأولياء أمور الطلاب، إلى الحصول على لقاحاتهم. وأكد أن الدولة لا تريد اللجوء إلى فرض التطعيم على الإطلاق، لكن اللقاح هو أكثر الأدوات فعالية ووقائية ضد الوباء.
وختم قائلا: “إنني أدعو مواطنينا إلى عدم الالتفات إلى المعلومات المضللة التي تنشر خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي حول اللقاحات. علينا أن نتصرف بما يتماشى مع حقيقة أنه لا يمكننا تحمل حرمان أطفالنا من المدارس والتعليم المباشر الذي فاتهم منه الكثير”.