جباليا وبيت لاهيا: المقاومة تقاتل بمجموعات صغيرة وتعيد تموضعها بتكتيك مرن وعمليات من مسافة صفر
أكد الخبير العسكري اللواء محمد الصمادي أنّ تصاعد عمليات المقاومة الفلسطينية “خلف خطوط العدو” شمال قطاع غزة يحمل رسائل واضحة بأن شبكات الأنفاق لا تزال فاعلة، كما يبرز مرونة تعبوية للمقاتلين في استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي.
فاعلية الأنفاق وتكتيكات جديدة
وأوضح اللواء الصمادي أنّ عمليات المقاومة الأخيرة تشير إلى أن كتائب القسام وفصائل المقاومة نجحت في ترميم عدد من الأنفاق، واستثمار الأنقاض والكتل الخرسانية الناتجة عن الدمار في غزة لتوفير غطاء طبيعي يُسهّل التسلل وتنفيذ عمليات مباغتة. وأضاف: “المقاومة قادرة على إعادة بناء قدراتها، واستمرارها في المواجهة بفضل الدعم الذي توفره الحاضنة الشعبية، والتي تسهم في تجديد العناصر الشابة وتجهيزهم لمهام جديدة”.
وأشار الخبير العسكري إلى أنّ المقاومة تعتمد على تصنيع ذاتي وتستفيد من إعادة تدوير مخلفات الاحتلال لتعزيز قدراتها العسكرية، موضحًا أنها تسيطر على المناطق التي ينسحب منها جيش الاحتلال ثم تعيد استهدافه من مسافة قريبة عند عودته.
وبيّن الصمادي أنّ قوات الاحتلال تحتاج إلى أعداد كبيرة من الجنود لتمشيط مناطق غزة، في حين أنّ مجموعات صغيرة من المقاومة يمكنها استهداف آليات عسكرية إسرائيلية بفعالية، قائلاً: “يكفي عنصران من المقاومة لتدمير دبابة أو ناقلة جند إسرائيلية”. وأكد أنّ استراتيجية المقاومة المتمثلة بالقتال بمجموعات صغيرة تُسهم في استنزاف الجيش الإسرائيلي بشكل مستمر، مما يجعل الاحتلال في حالة تأهب دائم.
وفي الأيام الماضية، بثت كتائب القسام مشاهد توثق استهداف آليات عسكرية إسرائيلية في جباليا وبيت لاهيا باستخدام قذائف مضادة للدروع وعبوات ناسفة. كما عرضت القسام مشاهد لقنص جنود إسرائيليين، كان أبرزها قنص أحد الجنود في منطقة الخزندار شمال غرب غزة، حيث تم استهدافه بدقة أثناء تحصنه في إحدى العمارات السكنية.
وأعلنت مصادر الاحتلال أمس الأحد مقتل ضابط برتبة نقيب وجندي من لواء كفير وإصابة ثالث بجروح خطيرة في معارك شمال القطاع. ووفق القناة 14 العبرية، فإن أحد المقاومين نفّذ هجومًا من مسافة قريبة بعد خروجه من نفق، ما أدى إلى مقتل جنديين في بيت لاهيا.
بحسب القناة العبرية، فقد قتل ما لا يقل عن 30 ضابطًا وجنديًا خلال معارك جباليا وشمال القطاع المستمرة منذ خمسة أسابيع. أما إحصائيات موقع عكا للشؤون العبرية، فقد أفادت بسقوط 28 قتيلًا من جنود الاحتلال والمستوطنين منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وفي وقت سابق، أعلن جيش الاحتلال مقتل جندي من كتيبة نحشون التابعة للواء كفير، أحد أكبر ألوية المشاة الإسرائيلية المتخصصة في القتال بالمناطق الحضرية، بعد أن استهدفه قناص من المقاومة في مخيم جباليا.
تظهر العمليات الأخيرة أنّ المقاومة الفلسطينية لا تكتفي بالصمود في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، بل تعمل على تكتيكات مبتكرة تستنزف قوات الاحتلال. وبينما يعتمد الاحتلال على تقنيات متطورة وأعداد كبيرة من الجنود، تُظهر المقاومة قدرتها على التكيّف مع الظروف الصعبة وتطوير أدواتها القتالية، ما يعكس إصرارها على إفشال أهداف العدوان الإسرائيلي.