طوفان الكلمةمقالات

غزة… بين مطرقة الإبادة الجماعية وسندان التهجير القسري 

وردة محمود رضوان – غزة

ما زال قطاع غزة يتعرض للإبادة الجماعية والتطهير العرقي في ظل استمرار الحرب الضروس والمجازر الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق المدنيين، عبر قصف البيوت على رؤوس ساكنيها، واستهداف الخيام في مخيمات النزوح، فضلًا عن قصف المستشفيات، وآخرها مستشفى ناصر الطبي في خان يونس. ولم تسلم حتى المصليات المؤقتة التي أنشأها الأهالي بجوار المساجد المدمرة، بل طال القصف أيضًا تكيات الطعام في شهر رمضان قبيل موعد الإفطار، ما أدى إلى استشهاد عدد كبير من المدنيين وسقوط العديد من الجرحى.

وقد أعلن الكيان الصهيوني عن خطوط عريضة جديدة تزيد من وتيرة الحرب، من بينها: تشديد الحصار العسكري، إغلاق المعابر، وقطع خطوط المياه، في محاولة لخنق الحياة في شمال القطاع، بالتزامن مع توسيع العمليات البرية. كل ذلك يدل بوضوح على أن الاحتلال قرر الاستمرار في سياسة الإبادة الجماعية عبر القتل والتجويع والتهجير، لخلق واقع لا يمكن فيه استمرار الحياة الطبيعية في غزة. وفي الوقت ذاته، بدأ العمل على إنشاء إدارة مختصة بشؤون “الهجرة”، في محاولة لدفع الغزيين نحو مغادرة وطنهم.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ فالرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يخرج بتصريحات متكررة، بمعدل كل 48 ساعة، يدعو فيها إلى تهجير سكان غزة قسرًا، تارة إلى مصر، وأخرى إلى الأردن أو الصومال أو السودان أو حتى إلى “بلاد الهُلولولو”! المهم أن الرسالة واضحة: يجب الخروج من غزة والتوقيع على أوراق الرحيل، بضمانة عدم العودة.

أي إجرام هذا؟! وأي عالم هذا؟! الكيان الصهيوني يسعى إلى طمس القضية الفلسطينية، متجاهلًا كل القرارات والقوانين الدولية، ومنها القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن، الذي ينص على تحقيق الأمن والسلام لجميع دول المنطقة، بما في ذلك فلسطين، والذي فشل المجتمع الدولي في تطبيقه حتى اليوم.

أما ترامب، فمطامعه في غزة لم تعد خفية؛ يراها “جميلة”، بطقسها المعتدل، وشاطئها الممتد لأكثر من 40 كيلومترًا، ويرى فيها فرصة استثمارية كبرى تدر المليارات، ناهيك عن ثروة الغاز الطبيعي المكتشفة قبالة سواحلها. العيون كلها هنا، والطمع واضح وجلي.

لكننا، نحن أهل غزة، الذين كتب الله لنا النجاة حتى هذه اللحظة، وبعد عامين من الجحيم، لنا كلمة لا بد أن تُسمع، كمدنيين صامدين في وجه الاحتلال الصهيوأميركي. صحيح أننا نعيش ما لا يُطاق، وأن الحرب سلبتنا المال والبيت والولد، وأخذت الغالي والنفيس، ولم تترك للحياة إلا طعم المرّ والأمرّ؛ إلا أننا نملك من اليقين ما لا يملكه أحد. فنحن مسلمون مؤمنون موحدون، سلّمنا أمرنا لله من قبل ومن بعد، وموقنون بوعده بالفرج، فـوعد الله آتٍ لا محالة.

الأرض لنا، والقدس عاصمتنا، ولطف الله يحيط بنا، رغم خذلان العالم الذي عجز عن إيقاف هذه الحرب البشعة. أمام هذا الصمت الدولي المريب، ستسقط كل المؤامرات، وسنمزق الخرائط المزورة لفلسطين، وسيناريو التهجير لن يُكتب علينا. فنحن أهل الرباط، وهذه أرض الرباط، وليس لنا سوى وطننا فلسطين، وسنبقى فيه ومنه وإليه. ومهما اشتد الكرب وبلغت القلوب الحناجر؛ سنظل الصادقين الصابرين في نهاية المطاف. بالحق باقون، والظلم زائل، والراية لن تسقط.

وكعادتي، أختتم مقالي برسالة إلى هذا العالم:
غزة، هذه البقعة الصغيرة من فلسطين، هي نور على نور، يهتدى به على درب المقاومة، المعبد بالشهداء والجرحى والتضحيات والقصص التي لا تنتهي… وصولًا إلى العودة والتحرير والحرية.
فنحن على موعد قريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى