غزة.. حين يصبح الطعام رفاهية والموت جوعًا حقيقة

أحلام عبد الله – غزة
تحت وطأة حرب إبادة جماعية وحصار خانق يفرضه الاحتلال الإسرائيلي، يواجه سكان قطاع غزة شبح الجوع المدقع والتهجير القسري، في مشهد يدمي القلوب ويستصرخ الضمائر الحيّة في كل مكان.
لم يعد الجوع في غزة مجرد نقص في الغذاء، بل تحول إلى كابوس يومي يُطارد الأطفال والنساء والشيوخ. صورُ الهزال الشديد والأجسادِ النحيلة، التي باتت هياكلَ عظميةً مغطاةً بالجلد، تروي حكاياتٍ مؤلمة عن أمهاتٍ عجزن عن إرضاع أطفالهن، وعن صغارٍ لم يعرفوا طعم الشبع قط.
التقارير الواردة من القطاع ترسم لوحةً قاتمةً لمستقبل جيلٍ كامل، يُهدّده سوءُ التغذية والأمراض الناجمة عنه. جيلٌ يُحرَم من أبسط حقوقه: الحياة، والنمو، والتعليم.
وإلى جانب الجوع القاتل، يُمارس الاحتلال الإسرائيلي سياسةَ تهجيرٍ قسريّ ممنهجة، تدفع بعشرات الآلاف من الفلسطينيين إلى النزوح المتكرر، بحثًا عن ملاذٍ آمن… لكنه غير موجود.
منازلُ تُدمَّر فوق رؤوس ساكنيها، وأحياءٌ كاملة تتحوّل إلى ركام، ومستشفيات ومدارس ومراكزُ إيواء تُستهدَف بالقصف. كلّ ذلك يجبر السكان على ترك ما تبقّى من حياتهم، والفرار نحو المجهول.
ينام الناس في العراء، بلا مأوى يحميهم من برد الشتاء أو حر الصيف، وبلا أدنى مقوّمات الحياة الأساسية.
ليست هذه مجرد أرقامٍ وإحصائيات، بل قصصٌ إنسانية تُروى بدموع القهر والألم؛ قصص عن عائلاتٍ تمزقت أوصالها، وأحلامٍ دُفنت تحت الأنقاض، وأرواحٍ بريئةٍ زُهِقت دون ذنب.
إنها صرخاتُ أطفالٍ فقدوا آباءهم وأمهاتهم، ونظراتُ شيوخٍ يبحثون عن قطعة خبزٍ تسدّ رمقهم، وتوسلاتُ نساءٍ فقدن الأمل في غدٍ أفضل.
فهل ما يحدث في غزة هو مجرد “صراع”؟
بل هو جريمة إنسانية مكتملة الأركان، وإن بقي للعالم جزءٌ من ضميره، فهي لا تحتاج إلى تحرّكٍ عاجل أو حاسم من المجتمع الدولي…
لأنّه ببساطة: قد فات الأوان.