للتعريف بالقدس وواقعها.. مسابقة تركية لتطوير ألعاب فلسطين الإلكترونية
في “لعبة أمل”، تتحرك طفلة رقمية جيئة وذهابا وهي تحاول تجميع 5 قطع من أجزاء خارطة فلسطين. لا تحمل الطفلة أي اسم أو علامة يمكن أن تشتت الانتباه، وتركز في المقابل كل قواها على القفز فوق حواجز وضعت لإعاقتها، ومع كل قفزة تقدم للاعبين الصغار معلومة عن مدينة القدس وضواحيها.
وتجسد اللعبة واقع الفلسطينيين المبعثر اليوم وحاجتهم على أرض الواقع للجهد الذي تبذله الطفلة في العالم الافتراضي مع كل خطوة تخطوها باتجاه توحيد الصف واجتياز العقبات.
ولعبة أمل واحدة من عدد كبير من الألعاب الإلكترونية المشاركة في مسابقة “ألعاب فلسطين الإلكترونية الأولى” التي أطلقتها مؤسسة تنمية قدرات الشباب التركية “غينيش غيل” (Genc Gel) بين الأول والرابع من فبراير/شباط الجاري.
المراكز الثلاثة الأولى
وحصل مصمم اللعبة أحمد مصطفى شعبان، وهو من مركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ في مصر، على المرتبة الثالثة في المسابقة التي استمرت 3 أيام، ونال جائزتها المالية البالغة 500 دولار.
أما وليد غازي السخن من شارع الواد في القدس المحتلة، فحصل على جائزة المرتبة الثانية في المسابقة عن تصميمه للعبة “القدس تحت الأرض” (Jerusalem Underground) التي تتحرك فيها طفلة بين دهاليز الحفريات الممتدة أسفل مدينة القدس وهي تحاول لفت أنظار الأطفال إلى خطورة هذه الحفريات، حتى تصل بغيتها للصلاة في قبة الصخرة.
وفاز صلاح الدين أمجد عميرة من بلدة نعلين قرب رام الله في الضفة الغربية بجائزة المسابقة الأولى عن لعبة “الروح المقدسة” (holy spirit) التي تتحرك شخصيتها بين مجموعة من العناكب تحيط بالمسجد الأقصى المبارك محاولة جمع 5 من مفاتيحه كي يعود المسجد إلى طبيعته، بينما تحاول العناكب قتل اللاعب إذا عجز عن التخلص منها.
ووفقا للمؤسسة الراعية للمسابقة، فإن المشتركين قاموا بتصميم ألعاب تتناول حصرا البعد الوطني والديني للقضية الفلسطينية، وعرضوها للتحكيم التقني والموضوعي في التنافس على المراتب الثلاث الأولى في المسابقة التي تبلغ قيمة جوائزها 3 آلاف دولار، بواقع 1500 دولار للمتسابق الأول وألف دولار للثاني و500 دولار للفائز الثالث.
وحدة موضوعية وتنوع تقني
وتستند المسابقة إلى صيغة “محضن الألعاب” (Game Jam) وهي إحدى صيغ فعاليات تطوير الألعاب الرائجة عالميا، حيث يؤكد المنظمون أنهم يهدفون من خلالها إلى تطوير المهارات الريادية لمطوري الألعاب الفلسطينيين، وتدريبهم بالأسلوب الإنتاجي من خلال توظيف التقنيات في صناعة اللعبة الإلكترونية.
كما تؤكد “غينيش غيل” أنها استبعدت أي مشاركة تجاوزت الوحدة الموضوعية للمسابقة عبر تقديم أي لعبة غير مرتبطة بالقدس وواقعها.
وبحسب المهندس أسامة ديب المشرف على المسابقة، فإن صيغة (Game Jam) تجمع مطوري الألعاب من كافة المستويات ليتعارفوا ويتفاعلوا ويتعلموا الجديد، وليطوروا ألعابا ضمن موضوع واحد في فترة قصيرة جدا لا تتجاوز 3 أيام.
وقال ديب للجزيرة نت، إن جميع المشتركين يتقيدون بالموضوع ذاته في هذه المسابقة كوسيلة لضمان بداية العمل وانتهائه بتطوير اللعبة خلال فترة المسابقة، كما أنها وسيلة لوضع عائق أو قيد لتحدي المطورين ودفعهم للإبداع في الفكرة والتطبيق.
وبحسب المهندس المقيم في مدينة إسطنبول التركية، فإن المسابقة تطلبت إلماما تقنيا وإثبات قدرة من المشتركين على فهم المتطلبات وتنفيذها وصولاً لإنتاج اللعبة الإلكترونية المتعلقة بالقدس والمسجد الأقصى المبارك.
وأضاف أن المسابقة تطلبت إلمام المتسابقين بالبرمجة باعتبار تطوير الألعاب جزءا من تخصص تطوير التطبيقات، لافتا إلى انتشار العمل على برامج “محركات الألعاب” (Game Engines)، وهي برامج متطورة يستخدمها صانعو الألعاب.
وذكر أن المتسابقين استخدموا العديد من المحركات وأهمها محرك “الوحدة” (Unity)، وهو محرك ذو واجهة رسومية يوفر إمكانية تنفيذ وتطوير اللعبة بشكل أسهل وأسرع من غيره، إضافة إلى برامج الرسوميات مثل “فوتوشوب” (Photoshop)، وغيره.
جسر تركي لفلسطين
من جهته، قال الدكتور محمود الشريف المدير التنفيذي لمؤسسة تنمية قدرات الشباب إن منظمي المسابقة يسعون إلى نقل التجربة التركية الغنية في تقنيات صناعة الألعاب الإلكترونية إلى الناشئة الفلسطينية، وتحفيز جيل الطلائع على تقديم ألعاب تثري تراث القضية الفلسطينية وتعمق المعرفة العالمية بالمسجد الأقصى المبارك.
وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن المؤسسة حرصت على التقيد بتطوير ألعاب تتعلق بالمسجد الأقصى والقبة المشرفة لإظهار البعد الوطني والتراثي والديني الذي تحرص تركيا بكافة أذرعها على تثبيته في “الموروث القيمي لدى جيل الشباب حول العالم”.
وأوضح الشريف أن المؤسسة تعمل باستمرار على نقل التجارب المتقدمة لتركيا في مجالات العمل الشبابي والتنموي للفلسطينيين التزاما منها بخدمة فلسطين وشعبها، مؤكدا أن المسابقة رفضت التعاطي مع أي مشاركة تجاوزت المحتوى الفلسطيني المباشر في الألعاب.
وكانت مؤسسة تنمية قدرات الشباب قد فتحت الباب للمشاركين في المسابقة باستخدام أي محرك ألعاب أو أي برنامج لتطوير اللعبة باللغتين العربية والإنجليزية، كما أتاحت فيها المشاركة الفردية أو بالأعمال الجماعية عبر فرق مطورين لا يتجاوز عددهم 3 أشخاص لكل مشاركة.