عام

“ليتني متُّ هناك”… شهادات من ذاكرة جنود صهاينة عائدين من غزة

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، أن مركزًا للرعاية النفسية وتقديم المساعدة قد تلقّى أكثر من 66 ألف استفسار من جنود نظاميين، وأفراد من قوات الاحتياط، وعائلاتهم.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إن عددًا كبيرًا من المكالمات جاءت من جنود احتياط يعانون من ما يُعرف بـ”ذنب الناجين”، وهو شعور بالذنب لأنهم ظلوا على قيد الحياة. ونقلت عن شيري دانييلز، المديرة المهنية الوطنية لمؤسسة ERAN – للإسعاف النفسي الأولي – قولها:

“أحد المتصلين قال إنه يشعر بالأسف لأنه لم يُقتل في غزة، ويشعر بالذنب ليس فقط لبقائه على قيد الحياة، بل حتى لطلبه المساعدة.”

وأشار التقرير إلى أن تقديرات الجيش تفيد بأن عدد المتقدمين لطلب المساعدة بعد انتهاء الخدمة العسكرية أكبر بكثير، لكن كثيرًا منهم يفضّلون عدم الكشف عن هوياتهم كأفراد في الخدمة العسكرية.

وقال بعض جنود الاحتياط إنهم فقدوا أعمالهم، ولم يتمكنوا من إيجاد فرص جديدة، لكن ما يثقل عليهم أكثر هو شعورهم بأنهم عبء على أسرهم.

وأوضحت دانييلز أن هذا الشعور “طبيعي جدًا”، مضيفة أن هناك من يشعر بالذنب لأنه صرخ على أطفاله، أو لأنه لم يكن حاضرًا إلى جانب شريكه.

وجاء التقرير بعد مرور أكثر من 600 يوم على انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، مشيرًا إلى أن:
• نحو ثلث المكالمات (31%) تمحورت حول الشعور بالوحدة،
• بينما تناولت 25% منها الاكتئاب والألم النفسي،
• وحوالي 20% تناولت العلاقات الشخصية والتربية والعلاقات الاجتماعية،
• فيما 4% من المكالمات تعلقت بالعنف أو الاعتداء الجنسي.
• كما شكّلت الاستفسارات المتعلقة بالتوظيف والأزمات المالية نحو 3% من الاتصالات.
• وقضية الانتحار شكلت بدورها 3% من إجمالي الاستفسارات.

وبحسب الصحيفة، تلقّت المراكز أكثر من نصف مليون استفسار منذ اندلاع الحرب، سواء عبر الهاتف أو الإنترنت.

وأظهرت البيانات أن:
• 20% من المتصلين كانوا من الفئة العمرية 25-34 عامًا، بما يعادل أكثر من 100 ألف مكالمة استغاثة.
• وبلغت نسبة الإحالات إلى المراكز النفسية لدى الفئة العمرية 18-24 عامًا نحو 12%،
• في حين بلغت نسبة الأطفال والمراهقين حتى سن 17 عامًا 8%،
• وكان أقل عدد من الإحالات بين من تزيد أعمارهم عن 75 عامًا (4%).

وأضافت دانييلز:

“في بداية الحرب، كانت معظم المحادثات تدور حول الصدمات والقلق، لكن مع استمرارها، نلحظ تزايدًا في المحادثات حول الألم النفسي، والاكتئاب، والشعور بالوحدة، والتحديات في العلاقات الاجتماعية… فهذه هي المناطق التي ندفع فيها ثمنًا باهظًا.”

وفي تقرير آخر، كانت “يديعوت أحرونوت” قد نقلت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن مكتب إعادة الإدماج في وزارة الأمن الإسرائيلية، أن نحو 43% من جرحى الجيش الذين خضعوا لإعادة تأهيل يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)، أي نحو 5200 جندي من أصل 12 ألفًا.

وتوقّعت الوزارة أن يصل عدد المحتاجين للعلاج النفسي إلى نحو 100 ألف شخص بحلول عام 2030، نصفهم على الأقل سيعانون من اضطرابات ما بعد الصدمة.

أما التقديرات العسكرية الداخلية فتشير إلى أن نحو 15% من الجنود النظاميين الذين خرجوا من قطاع غزة وتلقوا علاجًا نفسيًا، لم يتمكنوا من العودة إلى الخدمة القتالية نتيجة حدة الأعراض النفسية التي أصيبوا بها.

ووفقًا للصحيفة، تُعدّ نسبة كبيرة من المعاقين في إسرائيل من المصابين بالاضطرابات النفسية، ما يعكس حجم التأثيرات العميقة للحرب، التي لم تقتصر على الإصابات الجسدية، بل تجاوزتها إلى انهيارات نفسية واسعة داخل الجبهة الداخلية الإسرائيلية.

وسبق أن سلّطت صحيفة “جيروزاليم بوست” الضوء على تنامي الاضطرابات النفسية بين الجنود العائدين من غزة، مؤكدة ارتفاع عدد حالات الانتحار ومضاعفات اضطراب ما بعد الصدمة، لافتة إلى أن كثيرًا من “الناجين” يخشون العودة إلى جبهات القتال مجددًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى