مقالات

مراقبون: عودة السلطة للتنسيق مع الاحتلال ضربة للمصالحة

عبّر مختصون فلسطينيون، عن استيائهم من إعلان السلطة الفلسطينية عودة العلاقات والتنسيق “كما كان” مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدين أنه “ضربة وانقلاب” على جهود تحقيق المصالحة الفلسطينية التي تجري حاليا في القاهرة بين حماس وفتح.


وأعلنت السلطة الفلسطينية مساء الثلاثاء، عن استئناف التنسيق والعلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ: “على ضوء الاتصالات التي قام بها سيادة الرئيس (محمود عباس) بشأن التزام إسرائيل بالاتفاقيات الموقعة معنا، واستنادا إلى ما وردنا من رسائل رسمية مكتوبه وشفوية بما يؤكد التزام إسرائيل بذلك، وعليه فسيعود مسار العلاقة مع إسرائيل كما كان”.


واستهجنت الفصائل الفلسطينية، ومن بينها حماس والجهاد الإسلامي قرار السلطة، مشددين على ضرورة أن تتراجع السلطة عن ما أقدمت عليه.


وحول قراءته لمدى تأثير قرار السلطة عودة التنسيق “كما كان” مع الاحتلال على إمكانية تحقيق المصالحة، أوضح الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف، أن “ما أقدمت عليه السلطة من عودة التنسيق الأمني والعلاقات مع الاحتلال، هو ضربة للقضاء على المصالحة الفلسطينية، التي كان من المأمول أن تصل إلى نتائج إيجابية”.  

اقرأ أيضا: السلطة الفلسطينية تعيد التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي


وأعرب في حديثه لـ”عربي21″ عن أسفة لقرار السلطة، الذي هو بمثابة “انقلاب على كل ما تفاهمت عليه القوى والفصائل الفلسطينية في اجتماع الأمناء العامين”، مؤكدا أن “ما أقدمت عليه فتح، هو ضربة للمصالحة وللقوى الفلسطينية وللشعب الفلسطيني”.


وقال الصواف: “رأيت من البداية أن حركة فتح لا تريد المصالحة، رغم أن حماس بذلت كل ما لديها من جهد لتحقيق ذلك، ولكن فتح لم تكن بحاجة إلى مصالحة حماس”.


وذكر أنه “لولا دونالد ترامب (الرئيس الأمريكي) وقراراته وجفاء الاحتلال الصهيوني مع السلطة، لما فكرت بالجلوس مع حماس، ولكن عندما فاز جو بايدن (مرشح الحزب الديمقراطي الأمريكي)، تم التواصل مع الكيان والعودة مرة أخرى إلى التعاون والتنسيق الأمني؛ وهذا يعطي دليلا واضحا أن السلطة لا تريد المصالحة، وتريد المضي في مشروعها المتواطئ مع الاحتلال”.


عودة رديئة


وعن مدى استجابة السلطة لمطالبة حركة “حماس” لها بالتراجع عن قرارها، أكد الكاتب أن “السلطة لن تتراجع”، مضيفا أن “هناك حديثا لجبريل الرجوب (أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح) لأحد الصحف المصرية، أنه في حال فشلت المصالحة، فسيكشف عن من كان سبب فشلها من أفراد حول محمود عباس (رئيس السلطة)”.


ونبه إلى أن “الرجوب على علم، بأن هناك متنفذين داخل حركة فتح لا يريدون المصالحة، واليوم ثبت ذلك بالدليل القاطع، رغم أن هناك شيئا من الإيجابية في لقاءات إسطنبول والقاهرة بين حماس وفتح، ولكن مع الأسف، يبدو أن الأمور مع قرار السلطة عودة التنسيق مع الاحتلال، فإن الأمور في ملف المصالحة قد انتهت في الفترة الحالية”.


وعن المطلوب من حماس والفصائل الفلسطينية في ظل هذا الموقف من قبل فتح والسلطة الفلسطينية، شدد على أهمية أن تقوم حماس والفصائل، التي “تدين هذه العودة الرديئة للعلاقة مع الاحتلال، بالبحث عن وسيلة أخرى، وأن يلقوا بحركة فتح من خلف ظهورهم”، بحسب رأيه.


بدوره، رجح المختص في الشأن الأمريكي، رئيس معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية، إياد الشوربجي، أن “تقوض خطوة السلطة فرص تحقيق المصالحة الضعيفة أصلا، وتضيق لحد كبير من مساحات التقارب المحتملة، وتنهي الجهود المبذولة منذ فترة لإنهاء الانقسام، والتي توجت بلقاء الأمناء العامين في بيروت”.


ونبه الشوربجي في حديثه لـ”عربي21″، إلى أن “إعلان العودة للتعاون الأمني مع الاحتلال، يتناقض مع التوجه الوطني العام لمختلف الفصائل العاملة في الساحة السياسية الفلسطينية، ويتناقض بالضرورة مع نهج وتوجهات السلوك الوطني المقاوم الذي تتبناه حماس”.


مرحلة جديدة


ورأى الشوربجي، أن “هذه الانعطافة في سلوك السلطة، تؤكد أن التوجه نحو المصالحة ما هو إلا خطوة تكتيكية اضطرارية اتخذتها السلطة للتخفيف من الضغط الأمريكي من قبل إدارة ترامب، التي سعت لفرض مشروع تصفية القضية الفلسطينية؛ المتمثل في ما يسمى بـ”صفقة القرن” وضم الضفة والتطبيع مع العالم العربي”.


وتابع: “من هنا، شعرت السلطة بنوع من الأريحية بعد فوز بايدن، حيث تعتقد السلطة أن وصول الرئيس الأمريكي الجديد يمكن أن يمنحها مساحة للعودة لمسار المفاوضات”.


وبين المختص، أن “السلطة أرادت أن تجعل من قرار العودة للتعاون الأمني مع الاحتلال، بمثابة بادرة حسن نية تقدمها السلطة لإدارة بايدن، علها تحظى بنوع من الاهتمام الذي فقدته تماما في عهد إدارة ترامب، علما بأن دعم إسرائيل المطلق، يشكل أحد الثوابت الراسخة في السياسة الأمريكية أيا كان الحزب الحاكم أو الرئيس الفائز”.


من جانبه، رأى المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية ناجي شراب، أن “الإعلان المفاجئ للسلطة عن عودة التنسيق مع الاحتلال، وأيا كانت مبرراته، سيشكل عقبه كبيرة في ما تسمى حوارات المصالحة”.


وأضاف في حديثه لـ”عربي21″: “يكشف هذا الإعلان، أننا أمام مشروعين لا يتقابلان، والنتيجة الحتمية وقف الحوارات؛ بدليل إدانة حماس وكافة الفصائل”، منوها إلى أن قرار السلطة “يرتبط على ما يبدو بفوز بايدن، والوعود بعودة العلاقات واستئناف المساعدات المالية، وأيضا التوقع باستئناف المفاوضات”.


ولفت شراب إلى أن ما حدث “يعني مضي حماس منفردة وبقوة بإتمام اتفاق التهدئة وتبادل الأسرى مع الاحتلال، قد نتوقع مبادرات في العلاقات بين مصر وغزه وحماس”.


وتساءل: “هل عودة علاقات السلطة مع الاحتلال تتوافق والسلام عربيا؟”، مضيفا أن “كل هذا يعني، أننا أمام مرحلة جديدة، والأقرب استمرار خيار الأمر القائم، لأنه يحقق مصلحة للطرفين، ولن تذهب حماس أبعد من ذلك انتظارا لمرحلة ما بعد الرئيس (عباس)”، وفق تقديره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى