مستشرق “إسرائيلي” يهاجم أردوغان: يقوض دبلوماسيتنا
تتابع سلطات الاحتلال الإسرائيلي التنامي الحاصل في قوة تركيا الإقليمية على حسابها في المنطقة، في ظل ما تسميها الفوضى الحاصلة في شبه الجزيرة العربية والهلال الخصيب وشمال أفريقيا، بزعم أن أنقرة تسعى للسيطرة عليه، وملء الفراغ الناجم عنه، ما يزيد من عداء دولة الاحتلال لها، والخشية من تمدد نفوذها.
ويبدو أن إطلاق تركيا لسراح الزوجين الإسرائيليين من الاعتقال لم يحمل طمأنة لـ”تل أبيب”، بزعم أن العداء التركي الإسرائيلي مسألة “بنيوية”، والإيماءات الإيجابية لا تلغي هذه المشاعر المتناقضة، رغم أن العلاقات الدبلوماسية والتجارية لم تتأثر، لكن الاتجاه السياسي الذي يقود تركيا يأخذها إلى صراع مع دولة الاحتلال، بعد أن استبدلت سعيها للاندماج في أوروبا بنوع من الصراع البنيوي مع “إسرائيل”.
البروفيسور آيال زيسر، أستاذ الدراسات الشرق أوسطية في الجامعات الإسرائيلية، ذكر أنه “منذ وصول الرئيس رجب طيب أردوغان إلى السلطة في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، عاشت العلاقات الإسرائيلية التركية في أزمة مستمرة، وأصبحت رهينة تقلبات العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وقد انتهت قضية الزوجين المعتقلين في أنقرة، قبل أن تحولها وسائل الإعلام الإسرائيلية من “عاصفة في كوب من الماء” إلى تسونامي كان سيتركهما في السجن لفترة طويلة”.
وأضاف في مقال نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم”، وترجمته “عربي21″، أن “الأزمة الأخيرة كادت أن تتسبب بانهيار العلاقات الإسرائيلية التركية، ما يؤكد أنها علاقات لها سقف زجاجي، صحيح أنه يجب الحفاظ على هذه العلاقة وتعزيزها، لكن لا ينبغي توقع تحقيق الكثير بعد ذلك، لأن أردوغان يقود سياسة معادية لنا، وأحيانًا يقترب من معاداة السامية، بل ويقوض دبلوماسيتها”.
صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي قوة إقليمية، لكن تركيا تحد من قوتها بسبب المزاعم الإسرائيلية بشأن استيلائها على أراضي الهلال الخصيب، في مسعى واضح نحو السيادة الإقليمية، لأن الدول العربية اليوم، بما في ذلك أكبرها مصر، ضعفت بشكل كبير، وعمليات بناء دولهم واجهت فشلاً ذريعاً، بل تنهار وتغرق، ما شكل انحطاطًا وسقوطًا سريعًا وخطيرًا، ما جعل تركيا تنجذب لتعبئة الفضاء الفوضوي الذي انفتح حولها في دول المنطقة.
يتجه الإسرائيليون لإجراء مقارنة بين النظام الإسلامي السائد في السعودية وتركيا، فرغم أنه راديكالي في الأولى، ومعتدل في الثانية، لكنهما مختلفتان في نظرتهما، فالنظام الديني في السعودية أكثر تشددا مما هو سائد في تركيا، لكنها تندفع بشكل متزايد لاتباع مسار دولة الإمارات في تحالفها مع “إسرائيل”، وهو ما تضعه الأخيرة في منظورها الاستراتيجي، ما يمنح أنقرة مكانة الدولة القوية إقليميا على خلفية ضعف باقي الدول العربية.