مشعل في حوار مع الشباب حول القضايا الراهنة: أنتم أمل الأمة ومن يعقد عليه الرهان لتحقيق النصر والمنعة
قال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة (حماس) خالد مشعل، اليوم السبت ، في حوار مباشر “مع الشباب حول القضايا الراهنة”، نظمه الملتقى العلمي للشباب، عبر منصة الزوم الإلكترونية، إن الأمّة في حالة معركة وتدافع، وهذا دليل عافية وقوة وأنها حية؛ “أنا أقاوم إذن أنا حي” ، وتابع أن الأمة العربية والإسلامية أمة عظيمة ، لذلك زرع أعدائها العدو صهيوني ، والعمل على حرمانها من التنمية والديموقراطية والتقنية ، حتى لا تصبح أمة رائدة وشريكة .
وتابع بالقول أن الشباب هم أمل الأمة، ويعقد عليهم الرهان، لتحقيق النصر والمنعة، مشيرا الى أن التعليم جزء من إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، سواء داخل فلسطين أم خارجها، ومعركة الوعي والفكر والمفاهيم، هي الأساس، وهي غاية في الأهمية.
ووجه مشعل نداءً للشباب ان يتحلوا بروح المبادرة والإيجابية، وأن لا ييأسوا، وعبر بأن الآمال معقودة عليهم، قائلا بأن :” صفة الإقدام هي صفة الشباب” وشدد على أن الأمة بشبابها تستطيع أن تفعل الكثير، اذ ما رافقها العقل النير، والثقة بالله، والثقة بالنفس، والارتباط بالأمة والفكر والمنهج، والغيرة على الأمة وأهدافها الكبرى، مذكراً الشباب بالرسالة التي من أجلها وجدوا، وبأهمية أن يكون لكل واحد منا بصمته.
الأمة والتطبيع
وأكد مشعل بأن هناك اجماعا فلسطينيا على رفض “صفقة القرن”، وقرار الضمّ، التطبيع، وضد العلاقة مع “إسرائيل” من أي دولة كانت، صديقة أم غير صديقة، وأننا نميز ونفرق بين علاقة وأخرى من جهة دوافع ذلك، وبين من يدعم القضية الفلسطينية، وبين من يتنكر للقضية.
وأوضح أن التطبيع ما زال محدوداً، وفي نخب معزولة، لافتاً النظر إلى أن الخطوة الإماراتية لم تكن مفاجئة، بل سبقتها خطوات تطبيعيه، وهناك دول لديها التوجه ذاته، وبين أن التطبيع فرصة للصهاينة، لتصفية القضية الفلسطينية، وفرض حلّ من خلال “صفقة القرن”، وتقدم “إسرائيل” على أنها جزء من الحل، وليست هي المشكلة، وليست هي العدو، وإنما هي حليف لبعض الدول في معاركها المصطنعة.
ويرى مشعل أن القوى الاستبدادية وجدت نفسها معنية بتحالفات، ولو كانت مع أعداء الأمة مثل الكيان الصهيوني، تحت مبررات كثيرة، والتماهي مع الصهاينة والتنصل عن واجباتها تجاه قضية فلسطين، وإخراج هذه العلاقات المشبوهة للعلن، والافصاح بأن فلسطين لم تعد قضيتهم، وشدد على أن فلسطين لا تشرف إلا برجالها الحقيقيين، أصحاب الرسالة والأمانة والقدرة، والذين يضحون.
وتابع قائلا: ” أن إدارة ترامب الأمريكية، تُعدّ أكثر الإدارات الأمريكية صهيونية في تاريخها، وأنه أراد التضحية بفلسطين من أجل أجنداته الحزبية والانتخابية، مشدداً على أن “فلسطين ليست بنكاً لكي يحلوا مشاكلهم على حسابها”.
وشدد أن الأمة ستنجح في معركة مواجهة التطبيع، بصمود الشعب الفلسطيني، وجهود مقاومته، ودعا لتعزيز الاجماع الفلسطيني، من الجهات الرسمية والحزبية والنخبوية في العالمين العربي والإسلامي، اذ سيشكل عنصر قوة، وسيقودنا إلى التحرير والنهضة.
كما أشاد مشعل بدوره الشباب في معركة مناهضة التطبيع الكترونيا، وذكر أنه عمل جيد ويعبر عن الأصالة، ويصدر عن وعي وإصرار، مؤكداً أن الفضاء الرقمي مهم، واصفا أن إبداعات الشباب “مفرحة”، ودعا لترجمة هذا التعاطف والزخم على الأرض، وفي الميادين كافة.
حماس وإيران
أشار مشعل الى أن القوى الاستعمارية تريد بقاء الأمة في حالة نزيف، واثارة فزاعة الطائفية، وتعزيز النزاعات العرقية والاثنية في المنطقة، لتحقيق مطامعها الاستعمارية، وخدمة المشروع الصهيوني، وذكر أن حركة حماس لديها العديد من العلاقات المميزة مع بعض دول العالم، ومنهم ضمنهم إيران.
وشدد أن الحركة منفتحة على الجميع، وترحب بأي علاقة جديدة، تخدم القضية الفلسطينية، وقال إننا:” أصحاب قضية، وأمام محتل متفوق علينا، عندما نأخذ دعماً من أية دولة، لا يعني أننا متوافقون معها في كل شيء، مدحنا لها هو مدح لما تقدمه لنا في معركتنا مع الاحتلال، وليس مدحاً لما تفعله في أي بلد”.
وتابع بأن أعداء الأمة لا يريدونها أمة متحدة تقرر مصيرها، بل يريدونها أمة تابعة لها، مدركين أنها تملك مقومات النهوض، وبشكل خاص أنها تمتلك موقعاً استراتيجياً، وتمتلك ثروات طبيعية كبيرة، أرادوا لها أن تبقى محرومة من كل عوامل التقدم، والحرية، والديموقراطية، وحرمانها من الاستفادة من ثرواتها. ورأى أن المشكلة ليست فيما اخترناه في مسارات الخير والإصلاح، بل المشكلة في التحديات الداخلية والخارجية، ولا بدّ من تقييم الأداء وإدارة المعارك، لكن لا نخطّئ المسار.
وفي التعامل مع قضايا الأمة، رأى مشعل أنه من المهم التركيز على الفهم، بناء الفهم، بناء الرؤية لأنها الأساس. فالأمة عانت من الاستعمار، والهجمات الاستعمارية، والأمة كانت في حالة تخلف، وعاشت مرحلة صعبة، ولكنها عبرتها. ضحت كثيراً، تخلصت من الاستعمار بكل أشكاله، وبدأت معركة النهضة، وبدأت الأمة تعود إلى ذاتها، إلى ماضيها، لتستحضر منه عوامل القوة والأصالة، وتنطلق بإبداع وتجديد وعصرنة ومعاصرة أصيلة.
الأمة وتحدياتها
وذكر القيادي في حماس” أن لدى الأمة مشاكل ذاتية، لديها خلافات، وفروق في الاجتهاد، وأنماط فكرية وسياسية متعددة، ونشأت كيانات وأنظمة وحكام وتيارات وأحزاب ونخب تريد كسر الآخر، ولا تقبل الآخر، تريد لهذه الأمة أن تبقى رهناً لتطلعاتها الذاتية، فمن يحكم يستأثر بالحكم، وبالثروات، وبمقدرات شعبه؛ فنشأ الاستبداد السياسي، والفساد في كل أشكاله؛ السياسي والاقتصادي والثقافي. وأغرقوا الأمة بالخلافات الدموية، ومنعوا كل محاولات التغيير والنهضة، وليس آخرها ما حدث في الربيع العربي، مشدداً على أن القوى الخارجية معنية ببقاء الخلافات، وأنها لن تسمح لقوى التغيير بالنجاح”.
وأضاف أن الثروات استغلت من منظومة فساد ادارتها آلة الاستبداد ، تحت أنظار الاستعمار، لإبقاء المنطقة في أزماتها، وفي مشاكلها، دون حلول، ليتملكها اليأس وقتل آمالها. مشدداً على أن أعداء الأمة لا يحتملون أن تكون هناك نماذج ناجحة، يُقتدى بها، تكون عوناً للشعوب وللشباب والنخب والمصلحين. فلا تفوق بالسلاح التقليدي أو التكنولوجي أو النووي إلا للكيان الصهيوني، ولا أحد يلعب دوراً مؤثراً إلا “إسرائيل”، حتى تشعر الأمة بالعجز وأنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً.
وساق مشعل مسارات واتجاهات كحلول للأمة للخروج من مأزقها ، أولها ” معركة الوعي والفكر والمفاهيم، وهي الأساس، وهي غاية في الأهمية، حيث يجب ضرب المصطلحات والمفاهيم التي يُراد ترويجها، ولا ينبغي أن نقع بمستنقع العرقية أو الطائفية “.
وثانيها” رسم الرؤية الكلية، تكون معارك الأمة ضمن رؤية كاملة، تصبّ في كل مساراتها ضمن هذه الرؤية، والتي تُبنى من خلال الوعي، وحُسن التشخيص”.
وثالثها ” تقديم نماذج ناجحة في كل معاركنا المختلفة، فلا نخوض معاركنا دون جاهزية، أو استعداد، لأن التجارب الفاشة تحبط، وتجعل الناس في حالة من التردد، والإحجام”.
وفي ختام كلمته تقدم مشعل بالشكر على القائمين على الملتقى العلمي للشباب، بعد أن أتاحوا له الفرصة لحوار مباشر مع “الشباب حول القضايا الراهنة”، وتوجه بالشكر لهيئة علماء فلسطين في الخارج، والشباب المشاركين في اللقاء.