من الضفة إلى غزة: عودة العمليات الاستشهادية في ظل طوفان الأقصى

غزة/ محمد عيد


تعددت وسائل المقاومة الفلسطينية خلال معركة “طوفان الأقصى”، واجتازت أسلحتها وأدواتها القتالية جميع الأراضي الفلسطينية، حتى أن مقاتلين عربًا وأجانب شاركوا في مساندتها. وبرزت العمليات الاستشهادية مجددًا خلال هذه المعركة التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023، وسط قلق كبير يسود المؤسسة الأمنية الإسرائيلية من عودة “السلاح الاستراتيجي للمقاومة” على غرار الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

واللافت في الأمر هو إعلان حركتي حماس والجهاد الإسلامي مسؤوليتهما الكاملة عن تلك العمليات، بالإضافة إلى وقوعها في أنحاء الضفة والقدس والداخل المحتل. وخلال ظهوره المرئي المتكرر، دعا الناطق باسم كتائب القسام “أبو عبيدة” أهلنا في الضفة والقدس والداخل الفلسطيني إلى التحرك في كل أماكن تواجد الاحتلال والمشاركة في معركة “طوفان الأقصى”.

وقال أبو عبيدة في خطاب سابق: “يا أهل الضفة، يا مفجري الثورة، وأهل القدس والداخل… اليوم هي فرصتكم من كل المحاور وعليكم التحرك الآن إلى كل أماكن تواجد الاحتلال”.

إطلاق نار وطعن ودهس
بدأت العمليات الاستشهادية الشهر الثاني للمعركة، وتحديدًا في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023. نفذ الاستشهاديون: عبد القادر عبد الله القواسمي، حسن مأمون قفيشة، ونصر عبد العفو القواسمي من مدينة الخليل المحتلة عملية اقتحام وإطلاق نار على “حاجز النفق” جنوبي القدس. وأسفرت العملية، التي أعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عنها، عن استشهاد الفدائيين الثلاثة وإصابة 7 إسرائيليين بجروح متفاوتة.

ونفذ الفدائي أحمد عليان، من أهالي بلدة جبل المكبر جنوب القدس المحتلة، عملية طعن يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2023 عند حاجز “مزموريا” جنوب القدس، أصيبت خلالها مجندة وحارس أمن إسرائيلي بجروح بين خطيرة ومتوسطة. وبعدها بيومين (31 ديسمبر)، وقعت عملية طعن داخل مستوطنة “معاليه أدوميم” أسفرت عن إصابة إسرائيليين.

وفي منتصف يناير/كانون الثاني 2024، نفذ فدائيان من مدينة الخليل عملية طعن ودهس في مدينة “رعنانا” وسط دولة الاحتلال، أسفرت عن مقتل مستوطنة وإصابة 18 آخرين. وداخل مدينة “كريات ملاخي” شرق مدينة أسدود المحتلة، وتحديدًا في 16 فبراير/شباط 2024، نفذ الاستشهادي المقدسي فادي جمجوم (37 عامًا) عملية إطلاق نار في محطة للحافلات أسفرت عن مقتل مستوطنين وإصابة 4 بجروح بين متوسطة وخطيرة.

بعدها بأسبوع، في 22 فبراير، نفذ 3 شبان من مدينة بيت لحم عملية إطلاق نار باتجاه حاجز الزعيّم شرقي القدس أدت إلى مقتل جندي إسرائيلي وإصابة 8 آخرين بينهم اثنان بحالة حرجة، قبل أن يستشهد اثنان من المنفذين ويُصيب الثالث.

شهد مارس/آذار 2024 خمس عمليات استشهادية، أبرزها في 22 من الشهر، حينما نفذ الاستشهادي مجاهد بركات منصور من بلدة دير ابزيع غربي رام الله عملية إطلاق نار صوب حافلة للمستوطنين في البلدة. وخاض منصور آنذاك اشتباكًا مسلحًا مع قوات الاحتلال استمر 5 ساعات أصيب خلالها 7 جنود، أحدهم بجروح خطيرة، قبل استشهاده بقصف جوي.

وأعلنت سلطات الاحتلال يوم 15 مارس/آذار عن مقتل عسكري برتبة رقيب أول في لواء ناحال، وإصابة إسرائيلي آخر في عملية طعن في مقهى عند مدخل كيبوتس “بيت كاما” شمال مدينة بئر السبع المحتلة. ولاحقًا، تبين أن منفذ عملية إطلاق النار هو الشهيد ناجي أبو فريح من بدو النقب المحتل داخل الأراضي المحتلة 48.

استطاع السائح التركي حسن سكالانان (34 عامًا) بتاريخ 30 أبريل/نيسان 2024 إصابة جندي إسرائيلي طعنًا بالسكين قبل استشهاده بنيران جنود الاحتلال في مدينة القدس المحتلة. وفي جنين، أصيبت مجندة إسرائيلية في ذات اليوم بعملية دهس قرب بلدة برطعة، واستطاع منفذ العملية الانسحاب دون إصابات.

وفي 27 يونيو/حزيران 2024، أعلن جيش الاحتلال مقتل ضابط وإصابة 16 آخرين بانفجار قنبلة زرعت على جوانب طريق مدفونة تحت الأرض في مخيم جنين. ويوم 14 يوليو/تموز 2024، أصيب 4 جنود إسرائيليين، بينهم ضابط بجروح خطيرة، جراء عملية دهس وقعت على مفرق “نير تسفي” قرب مدينة الرملة شمالي القدس المحتلة. نفذ العملية على مرحلتين الشهيد محمد شهاب من بلدة كفر عقب قضاء القدس، حيث بدأها بدهس بمحطة حافلات ثم عملية أخرى على بعد مئات الأمتار.

كما نفذ السائح الكندي زكريا آدم قريشي في 22 يوليو/تموز 2024 عملية طعن داخل مستوطنة “نتيف هعسراه” المحاذية لغزة، أسفرت عن إصابة جنديين إسرائيليين. وصرخ المسلم قريشي (21 عامًا) وقت إشهاره لسكينه ضد الجنود قائلاً: “الجيش (الإسرائيلي) يقتل الأبرياء في غزة”، ليرتقي لاحقًا شهيدًا.

عمليات تفجيرية
أعلنت كتائب القسام، بالاشتراك مع سرايا القدس، مسؤوليتها عن تنفيذ عملية تفجير شاحنة جنوب “تل أبيب” في 18 أغسطس/آب 2024، والتي أدت إلى مقتل إسرائيلي وإصابة آخر. ولاحقًا، كشفت القسام عن هوية الاستشهادي القسامي جعفر منى، منفذ العملية، الذي ظهر في مقطع فيديو أثناء توجهه لتنفيذ العملية وهو يحمل حقيبة المتفجرات.

كما أعلنت كتائب القسام مسؤوليتها الكاملة عن عمليتي مستوطنتي “غوش عتصيون” و”كرمي تسور” اللتين وقعتا في 30 أغسطس/آب 2024 قرب مدينة الخليل. وقد نفذ العملية الاستشهاديان محمد مرقة وزهدي أبو عفيف في محيط مستوطنتي “غوش عتصيون” و”كرمي تسور” في اليوم الثالث من أكبر عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية منذ العام 2002.

وتمكن سائق الشاحنة الأردني ماهر الجازي (39 عامًا) في 8 سبتمبر/أيلول 2024 من تنفيذ عملية إطلاق نار عبر مسدس داخل “معبر الكرامة” الفاصل بين الأردن والضفة المحتلة، أسفرت عن مقتل 3 جنود إسرائيليين قبل استشهاده.

في سبتمبر، بثت كتائب القسام مقطع فيديو تحت عنوان “سيغرقكم طوفان الاستشهاديين”، متضمنًا مشاهد من عمليات استشهادية سابقة نفذها الاستشهاديون في العمق الإسرائيلي مثل عملية القدس عام 2001، وعملية “تل أبيب” عام 1994، وعمليتي صفد و”عمانوئيل” الثانية، اللتين وقعتا عام 2002، وصور منفذيها.

في الأول من سبتمبر/أيلول 2024، نفذ الفدائي مهند العسود من مدينة الخليل عملية إطلاق نار صوب جنود الاحتلال داخل معبر ترقوميا العسكري غربي الخليل، مما أسفر عن مقتل 3 جنود، واستشهاد العسود لاحقًا في اشتباك مسلح مع قوة عسكرية حاصرته في مدينته.

وفي سياق متواصل، نفذ القساميان محمد راشد مسك وأحمد عبد الفتاح الهيموني من مدينة الخليل عملية إطلاق نار في مدينة يافا المحتلة، أسفرت عن مقتل 7 إسرائيليين وإصابة أكثر من 20 آخرين. وصفت صحف عبرية العملية الاستشهادية القسامية التي وقعت بتاريخ 1 أكتوبر/تشرين الأول الجاري بأنها “أعنف العمليات” خلال السنوات الأخيرة.

وأخيرًا، قتلت جندية إسرائيلية وأصيب 13 مستوطنًا في عملية إطلاق نار فدائية في محطة بمدينة بئر السبع المحتلة. وتمكن منفذ العملية أحمد سعيد العقبي (29 عامًا) من عشيرة العقبي التي تقطن ضواحي بلدة حورة في النقب من طعن المجندة والسيطرة على سلاحها وإطلاق النار تجاه عدد من المستوطنين وإصابتهم.

وعبر تغريدة في قناته على “تلغرام”، بارك الناطق باسم القسام “أبو عبيدة” عملية بئر السبع النوعية التي نفذها “أحد أبطالنا من الداخل المحتل”. وكتب “أبو عبيدة”: “إن ثقتنا بوطن

Exit mobile version