عام

من غزة إلى العالم: كيف أعادت المقاومة القضية الفلسطينية إلى الواجهة؟

شكّل السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 اليوم الذي قدّمت فيه المقاومة في قطاع غزة أعظم عمل نوعي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، وأسقطت من خلاله نظريات الردع والإنذار المبكر والتفوق التقني الإسرائيلي. كما نجحت في تحييد فرقة “غزة” العسكرية التابعة لجيش الاحتلال، وأخرجتها من الخدمة، وأوقعت جنودها وقادتها بين قتيل وأسير وجريح، بينما فرّ آخرون من المواجهة.

تفاعل الشعب الفلسطيني مع “طوفان الأقصى” بصفته لحظة فارقة تجاوزت الحدود الفاصلة، حيث داس آلاف المقاومين على الأرض المحتلة، مؤكّدين قدرة الفلسطيني على المواجهة وضرب العدو بقوة، وقدّموا نموذجًا للتحرر وطرد الاحتلال، في مشهد يعيد الثمن للمغتصب الذي هجّر وقتل الأطفال والنساء والشيوخ.

سنوات من الإفلات الإسرائيلي من العقاب شهدت خلالها تعديات متصاعدة على ثوابت الشعب الفلسطيني، بدءًا من القدس، وليس انتهاءً بالتوسع الاستيطاني، مرورا بتصعيد الانتهاكات بحق الأسرى والأسيرات، والقتل البطيء لأهالي قطاع غزة عبر الحصار والإغلاق. أصبح المستقبل الفلسطيني مسدود الأفق، ولم يكن أمام المقاومة سوى خيارين: إما انتظار التصفية، أو المبادرة الثورية.

“صفقة القرن” ومسيرات العودة

السياسة التصعيدية الإسرائيلية لم تكن وليدة اللحظة، بل تراكمت على مدى السنوات الأخيرة، وتوجتها “صفقة القرن” التي قدّمها “دونالد ترامب” كحل نهائي للصراع، بهدف تمكين “إسرائيل” من الهيمنة في الشرق الأوسط. هذه الصفقة بدأت بمحاصرة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، وتطبيع العلاقات بين “إسرائيل” والدول العربية فيما عُرف بـ”الاتفاقيات الإبراهيمية”.

ردّت المقاومة الفلسطينية من خلال مسيرات العودة الكبرى، حيث تظاهر مئات الآلاف من سكان قطاع غزة لأكثر من عامين على طول الشريط الفاصل. تزامنت أكبر هذه التظاهرات مع نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في 14 حزيران/يونيو، مما أدى إلى مجزرة إسرائيلية بحق المتظاهرين.

ورغم القمع الوحشي، أثبت الشعب الفلسطيني في غزة أنه جزء لا يتجزأ من النضال الوطني الفلسطيني، رافضًا كل محاولات فصل القطاع عن القضية العامة.

“سيف القدس” وتراكم استحقاقات المواجهة

استمرت الانتهاكات الإسرائيلية بحق القدس والمسجد الأقصى، وبلغت ذروتها بمحاولة تهجير الفلسطينيين من حي الشيخ جراح. وجاء الرد الفلسطيني حاسمًا عندما أطلقت المقاومة رشقة صاروخية تجاه الاحتلال، تزامنًا مع مسيرة الأعلام الصهيونية، لتعلن بدء جولة جديدة من المواجهة في “سيف القدس”.

“طوفان الأقصى” واللحظة التاريخية

في اللحظة التي استنفدت فيها المقاومة كل الوسائل الأخرى، جاء “طوفان الأقصى” ليكون الرد الأكبر في تاريخ القضية الفلسطينية. وجّه الشعب الفلسطيني ضربته القوية إلى الاحتلال، مذكّرًا العالم بأن القضية الفلسطينية لا يمكن تجاهلها أو تصفيتها بسهولة.

كان السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 بمثابة صدمة للكيان الصهيوني وللعالم بأسره، مؤكدًا أن الفلسطينيين لن يسمحوا بأن يكون هذا الكيان جزءًا طبيعيًا في المنطقة دون مقاومة.

بهذا الفعل، دشّنت المقاومة مسارًا جديدًا للمواجهة، وفتحت الباب أمام اشتباك مفتوح في الشرق الأوسط والعالم، ليعيد الزخم إلى القضية الفلسطينية في المحافل الدولية، ويؤكد أن موجات “طوفان الأقصى” لا تزال مستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى