نتنياهو في مواجهة الإضراب العام: هل سيؤدي الضغط الشعبي المتزايد إلى تغيير مسار الحرب على غزة؟
صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية اعتبرت أن الإضراب الذي عمّ إسرائيل يمثل أحد أكبر أشكال التعبير عن الغضب العام تجاه تعامل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع الحرب منذ اندلاعها في أكتوبر من العام الماضي. هذا الإضراب يُعد أول إضراب عام واسع النطاق، وجاء بعد ليلة من المظاهرات الحاشدة في تل أبيب ومدن أخرى، وهي الأكبر منذ بدء الحرب على غزة.
تصاعد الغضب العام يوم الأحد عندما استعادت قوات الدفاع الإسرائيلية جثث ستة أسرى إسرائيليين من قطاع غزة. ووفقًا لخبراء، فإن دعوة “نقابة الهستدروت” إلى إضراب شامل للضغط على حكومة الاحتلال بعد مقتل هؤلاء الأسرى تمثل تطورًا هامًا في موقف المجتمع الإسرائيلي تجاه الحرب، حيث بدأ يتفكك الإجماع الذي كان سائداً حولها.
الدكتور مهند مصطفى، الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أكد على هذا التحول الملحوظ في موقف المجتمع الإسرائيلي، مشيرًا إلى أن هذا الانقسام قد يؤدي إلى ظهور الخلافات القديمة على السطح، مثل تلك الموجودة بين اليمين واليسار. كما أشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يسعى لإطالة أمد الحرب حتى موعد الانتخابات الأميركية، رغم فشله في حسم جميع الملفات العالقة.
وفي مقال نُشر في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، كتبت الكاتبة سيما كدمون أن قضية العثور على جثث المحتجزين الستة ستكون نقطة تحول في مسار المفاوضات وإدارة الحرب على غزة. الإضراب الشامل الذي دعت إليه “الهستدروت”، والذي يعكس حالة من الخلافات حول أهداف الحرب واستمرارها، قد يؤدي إلى تغيير في مسار الأحداث.
من جانبه، يرى يهودا شاروني، محلل الشؤون الاقتصادية في “والا”، أن الإضراب الشامل قد يكون “مجرد وسيلة” لتنفيس الغضب الشعبي، لكنه لن ينجح إلا إذا استمر لعدة أيام وتزامن مع تصعيد في الاحتجاجات وصولاً إلى العصيان المدني، وهو العنصر الوحيد الذي قد يجبر نتنياهو على قبول صفقة تبادل الأسرى.
شاروني أكد أن نتنياهو لا يهمه مصير الأسرى ولا مصير الاقتصاد الإسرائيلي، موضحًا أن ما قد يدفعه لتغيير موقفه هو الضغط الشعبي والنزول الجماهيري إلى الشوارع، إلى جانب الضغط على أعضاء الكنيست من حزبه “الليكود” للتمرد عليه.
وفي ظل تصاعد الاحتجاجات، أشار مراسل الشؤون السياسية في “هآرتس”، ميخائيل هاوزر طوف، إلى أن نتنياهو يراقب التطورات عن كثب ويخشى حدوث تمرد داخل حزبه، خاصة من وزير الدفاع يوآف غالانت. وأضاف أن نتنياهو لم يحسم قراره بعد بشأن صفقة التبادل، ويجري مشاورات محدودة مع مقربيه، حيث ستتحدد قراراته بناءً على كثافة المظاهرات وتصاعدها في الأيام المقبلة.
وفي ظل هذه التحولات، يبدو أن نتنياهو يواجه تحديات داخلية وخارجية متزايدة، حيث أن استمرار الاحتجاجات قد يفتح الباب أمام تغيير سياسي كبير داخل إسرائيل.