مخيم فيميد الإعلامي: إعداد جيل إعلامي متميز لمساندة غزة والأقصى

بقلم رئيس التحرير: إبراهيم المدهون

يمر الإعلام الفلسطيني بمرحلة حرجة تتطلب تعزيز أدواته وتقديم صوت قوي يُبرز الرواية الفلسطينية العادلة في مواجهة التحديات الإعلامية المتزايدة. من هذا المنطلق، نظمت مؤسسة فيميد للإعلام المخيم الإعلامي الأول في هذا الصيف، بهدف إعداد جيل إعلامي شاب متفاعل، مسلح بأحدث الأساليب الإعلامية الحديثة، ومتمسك بثوابته الوطنية ليكون صوتًا لفلسطين وقضيتها، ويتجند إعلاميًا في دعم غزة في ظل الحرب.

استهدف المخيم بشكل أساسي تكوين فرق إعلامية قادرة على نقل صوت الشعب الفلسطيني والدفاع عن قضيته العادلة، وتقديم محتوى يدعم غزة في هذه المرحلة الحرجة. كما ركز على توظيف الإعلام الحديث وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في صناعة الإعلام الفلسطيني. وعلى مدار أربعة أيام متتالية، كان الهدف الأساسي للمخيم هو دعم الرواية الفلسطينية بمهنية واحترافية، وتقديم فرق إعلامية يمكنها مساندة القضية الفلسطينية من الداخل والخارج.

أقيم المخيم من الساعة 11 صباحًا حتى 11 مساءً على مدار أربعة أيام، واستهدف بشكل خاص الطلاب العرب المقيمين في تركيا، ولا سيما أولئك الذين يدرسون الإعلام أو العلوم الاجتماعية وعندهم مهارات ونشاط وشغف إعلامي. بلغ عدد المشاركين في المخيم أكثر من 60 طالبًا وطالبة، توزعوا بين الفلسطينيين الذين شكلوا نسبة 60%، بالإضافة إلى طلاب من جنسيات عربية أخرى مثل المصريين، العراقيين، السوريين، اليمنيين، وغيرهم من داعمي القضية الفلسطينية. تميز المشاركون بالحماسة العالية والرغبة في تقديم نموذج إعلامي محترف يدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني.

تضمنت فعاليات المخيم أربعة مسارات رئيسة:

  1. ندوات علمية إعلامية: تم عقد ندوات تناولت مواضيع متنوعة تتعلق بالإعلام الحديث، من بينها استخدام الذكاء الاصطناعي في الصحافة، الحضور الإعلامي الكاريزمي، وإدارة البرامج الحوارية والسينما البديلة. كما تم التطرق إلى مواضيع متعلقة بالإعلام التركي وكيفية تعزيز التعاون بين الإعلامين الفلسطيني والتركي، بالإضافة إلى السياسة التحريرية وأساسيات إنتاج الفيديو الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  2. تجارب وخبرات: استضاف المخيم مجموعة من الإعلاميين البارزين الذين شاركوا تجاربهم مع المشاركين. كانت هذه الجلسات ملهمة، حيث أتيحت لهم فرصة التعرف على تجارب واقعية وكيفية مواجهة التحديات الإعلامية.
  3. فقرات تفاعلية: تضمنت الفعاليات اليومية تطبيقات عملية على مواضيع مثل كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي في توجيه الرأي العام وصناعة المحتوى. كما شملت النقاشات الصوتية المفتوحة حول قضايا الإعلام الفلسطيني وآليات تحسين الأداء الإعلامي على مستوى التغطية الإخبارية ونقل الحقيقة.
  4. مسابقات إعلامية: تم تنظيم مسابقات بين المشاركين بناءً على مواضيع الندوات العلمية، حيث تم تكريم الفائزين وتوزيع جوائز على المتميزين في الأنشطة التفاعلية. ساهم هذا التفاعل الإيجابي في تعزيز روح المنافسة والتعلم بين المشاركين، مما زاد من حماستهم وحرصهم على تقديم أفضل ما لديهم.

افتُتح المخيم بكلمات من أ. محمد مشينش، رئيس مؤتمر فلسطينيي تركيا، و د. عامر لافي، رئيس تجمع الإعلاميين الفلسطينيين. كما تم تقديم رسالة خطية من السفير الفلسطيني في تركيا، الدكتور فائد مصطفى، التي أشادت بأهمية هذا النوع من المبادرات التي تساهم في تعزيز الرواية الفلسطينية على الساحة الدولية.

من خلال الورشات والتدريبات المكثفة، كان التركيز الأكبر على كيفية دعم غزة إعلاميًا في ظل الظروف الراهنة. تم توجيه الجهود نحو استراتيجيات فعالة لنقل معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، وكيفية تسليط الضوء على الجرائم المرتكبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بطرق إعلامية حديثة ومبتكرة. كما تطرق المشاركون إلى استخدام تقنيات السوشيال ميديا لزيادة الوصول إلى الجماهير العالمية، مع التركيز على تقديم الرواية الفلسطينية بلغة مهنية واحترافية بعيدًا عن التضخيم أو التهويل.

أحد أهم النتائج التي توصل إليها المخيم هو إدراك الشباب لدورهم المحوري في إيصال رسالة غزة إلى العالم. لقد خرج الطلاب متحمسين، متسلحين بمهارات الإعلام الحديث، وعاقدين العزم على المساهمة الفعالة في تعزيز الرواية الفلسطينية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، خاصة في ظل التحديات الكبرى التي تواجهها غزة في هذه المرحلة.

في ختام المخيم، استُضيف الصحفي التركي محمد أونالمش، الذي أشاد بالتعاون مع مؤسسة “فيميد” وحث الشباب على الانخراط في الإعلام بشكل أوسع لنصرة القضية الفلسطينية. كما أعلن مدير المؤسسة عن إطلاق مشروع “مجتمع فيميد الإعلامي”، الذي يهدف إلى تقسيم المشاركين إلى فرق متخصصة لدعم غزة إعلاميًا والدفاع عن القضية الفلسطينية في الإعلامين التركي والعربي.

من خلال هذا المخيم، حقق المشاركون تقدمًا ملموسًا في تطوير مهاراتهم الإعلامية، واكتساب فهم أعمق لكيفية نقل الرواية الفلسطينية بطرق احترافية. كما تم تشكيل فرق إعلامية من المشاركين للعمل على دعم غزة ومساعدة الإعلام الفلسطيني في مواكبة التطورات.

نأمل أن يكون هذا المخيم بداية لمرحلة جديدة من التعاون الإعلامي الفلسطيني والعربي، وأن يستمر المشروع في توسيع دائرة تأثيره على الساحة الإعلامية. إن هدفنا الأسمى هو تخريج جيل إعلامي قادر على إيصال صوت فلسطين إلى كافة أرجاء العالم، مدعومًا بالمعرفة والأدوات الحديثة التي تتيح له التصدي لمحاولات التشويه والانحياز التي تواجه القضية الفلسطينية على مستوى الإعلام الدولي.

ختامًا، كان مخيم فيميد الإعلامي الأول تجربة مميزة أثبتت أن الشباب قادرون على إحداث التغيير متى ما توفر لهم التدريب والدعم المناسب. ونحن على يقين أن هذا المشروع سيكون له أثر ملموس في تعزيز الرواية الفلسطينية ودعم غزة في أصعب اللحظات.

Exit mobile version