صحيفة لندنية ترصد الأزمة الداخلية لتحالف المعارضة بتركيا بسبب “الرئاسة”
تناول تقرير في صحيفة عربي 21 اللندنية حالة التخبط والتوتر السائدة في تحالف المعارضة في تركيا والتي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى الشارع المحلي لكونها الانتخابات الأولى التي ستخوضها ابان فوزها بأكبر بلديتين بالبلاد هما اسطنبول وأنقرة .
وبحسب التقرير، فإن الخلاف يكمن بشأن التوافق على مرشح ينافس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة المقبلة، فيما ألمح حزب الشعوب الديمقراطي الكردي إلى نيته شق طريقه في الانتخابات المقبلة بعيدا عن التحالف.
ورغم أن الانتخابات المقبلة، من المقرر إجراؤها في حزيران/ يونيو 2023، فإن الساحة الداخلية في تركيا، تشهد حراكا واسعا من كافة الأحزاب بما فيها حزب العدالة والتنمية الحاكم بهذا الشأن، وقد أكد تحالف “الجمهور” المشكل من الحزب الحاكم وحزب الحركة القومية، أن مرشحهم للرئاسة هو الرئيس أردوغان.
وذكرت وسائل إعلام تركية، أن حزب العدالة والتنمية، بدأ حملته الانتخابية في البلاد، في الوقت الذي يشهد فيه تحالف المعارضة تخبطا من أجل التوافق على مرشح واحد.
زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليتشدار أوغلو، استبق أي حراك داخل أحزاب المعارضة، ليلمح بأنه قد يترشح للرئاسة، فيما حاول مؤخرا استقطاب حزب المستقبل الذي يقوده أحمد داود أوغلو، وحزب الديمقراطية والتقدم بزعامة علي باباجان.
وذكر مراقبون أتراك، أنه في الوقت الذي يعمل فيه كليتشدار أوغلو على إبعاد أكرم إمام أوغلو، عن سباق الرئاسة، فإن زعيمة حزب الجيد ميرال أكشنار، وقادة حزب الشعوب الديمقراطي يفضلون رئيس بلدية إسطنبول.
كما أن زعيمة حزب الجيد، ترى أنه يجب التوافق على مرشح مشترك، ولكنها تعبر عن رأيها في أن حزب الشعوب الديمقراطي يجب أن يدخل الانتخابات وحده.
تراشق بين حزبي “الجيد” و”الشعب الجمهوري”
وفي الأيام الأخيرة، تزايد التراشق الإعلامي بين أحزاب المعارضة، وقال نائب رئيس حزب الجيد جيهان باتشاجي قاصدا بحديثه كليتشدار أوغلو، إنه “يتحدث بشكل منفرد وشخصي، وعلينا التوافق بشأن الوعود وإعلانها بشكل مشترك.. وما دمنا سنتشارك فهل شاورتنا؟” في خطوة تدلل على رفض الحزب الذي تقوده أكشنار لاحتمالية ترشح كليتشدار أوغلو.
وفي خضم هذه التصريحات، قال كليتشدار أوغلو، في لقاء تلفزيوني، إنه لا يستبعد وجود أكثر من مرشح للتنافس على الرئاسة، فيما لم تعلق أكشنار على ما ذكره زعيم حزب الشعب الجمهوري.
حزب الشعوب الديمقراطي يلمح للانفصال عن التحالف
وأمام هذا الجدل بين حزبي الجيد، والشعب الجمهوري، أدلى النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، جارو بايلان، بتصريحات تشير إلى انفصال حزبه عن “تحالف الأمة” المعارض.
وقال بايلان: “نعتقد أن تحالف الأمة، لا يتطابق مع رؤيتنا، ولذلك سنستمر في طريقنا الخاص بنا بمعزل عنه”.
وتابع قائلا: “هم يتحدثون عن العودة إلى النظام البرلماني الديمقراطي، ونحن نقول ذات الشيء، ولكن فهمنا للديمقراطية متقدم عنهم، ولا نعتقد أن تحالف الأمة يلبي تطلعاتنا.. ومن يقولون إن حزب الشعوب الديمقراطي سيصوت لهم فهم مخطئون”.
فيما هاجم النائب عن حزب الشعوب الديمقراطي في إسطنبول، إرول كاتيرجي أوغلو، كليتشدار أوغلو وحزب الشعب الجمهوري.
وقال كاتيرجي أوغلو، إن حزب الشعب الجمهوري لا يمكنه حتى تلبية مطالب قاعدته، متسائلا: “ما هي خارطة الطريق لكليتشدار أوغلو بشأن المشكلة الكردية؟”… هو يتحدث كلاما بالهواء، والسياسة ليست كذلك”.
مسؤول في “الشعب الجمهوري” يحذر من إمكانية الانهيار
المسؤول في حزب الشعب الجمهوري، إيتوغ أتيجي، ذكر في لقاء تلفزيوني، أن هناك فجوة أيدولوجية داخل التحالف، وإذا لم يسر على أرض صلبة، فإنه قد ينهار.
وأضاف أتيجي، أن حزب الشعب الجمهوري هو الحزب الوحيد الذي من المستحيل أن ينضم إلى تحالف الجمهور، وأما بالنسبة لحزب الجيد فالأمر لديهم صعب ولكن ليس مستحيلا.
ولفت إلى أن حزب الجيد، يعطي رسائل ما بين الحين والآخر، بأنه غير ملزم بشكل مطلق بتحالف الأمة، ويقول إنه يتصرف وفق ما تقتضيه رؤيته، والأمر كذلك بالنسبة لحزب السعادة الذي على خلاف أيديولوجي حاد مع حزب الشعب الجمهوري.
وأشار إلى أنه في المقابل، هناك وحدة أيديولوجية بين حزبي “العدالة والتنمية” و”الحركة القومية”، وهما يتشابهان، ولا توجد فرصة لانهيار تحالف الجمهور، أما “تحالف الأمة” فالانقسام الأيديولوجي موجود بالفعل، وهناك فرصة للانهيار، إذا لم يتوافق على أرضية صلبة.
الكاتب التركي، عبد القادر سيلفي، رأى في تقرير، أن تصريحات نائب رئيس حزب الخير جيهان باتشاجي، ليست بالضرورة، تعني انهيار تحالف المعارضة، بقدر ما هو “إنذار مبكر” لمنع هذا الانهيار، ويرى أن الوعود التي يطلقها زعيم حزب الشعب الجمهوري يجب أن تكون بالتوافق.
وأشار سيلفي، إلى أن كليتشدار أوغلو غير من أسلوبه الخطابي بعد أن قرر الترشح للرئاسة، ويقول: “سأفعل ذلك، وسأعمل على… ” وقام بتصدير نفسه، ولكي يقوم بهذه الوعود يجب أن يكون منتخبا للرئاسة، متسائلا: “هل سينتخب بأصوات حزب الشعب الجمهوري التي لا تتجاوز الـ25 بالمئة”؟”.. بالطبع “لا”، وإذا كان يتوقع أن يتم انتخابه كمرشح مشترك للتحالف، فيجب أن يتم تحديد الوعود بشكل مشترك بالتحالف.
ورأى أنه لا يوجد أزمة حادة داخل تحالف الأمة، ولكن هذا لا يعني أن كليتشدار أوغلو وأكشنار يفكران بنفس الشيء في ما يخص مرشح الرئاسة.
واستدرك، بأن حزب الشعب الجمهوري يريد أن يكون مرشح الرئاسة هو كليتشدار أوغلو، أما حزب الجيد فيرى أنه يجب أن يكون المرشح شخصا يستطيع الفوز، كما أن كليتشدار أوغلو لا يريد أن يكون إمام أوغلو ومنصور يافاش مرشحين للرئاسة، في الوقت الذي ترى فيه أكشنار أنه لا مانع في ما إذا استطاع أحدهما تحقيق الفوز، كما أن البعض يرى أن أكشنار هي التي يجب أن تكون المرشحة، وعليه فإن هناك صعوبة ما بين زعيمي الحزبين على التوافق بشأن مرشح الرئاسة.
وعود بالعودة إلى النظام البرلماني.. هل يتحقق؟ وكيف ستكون صيغته؟
الكاتب، سيلفي، قال في تقرير آخر، إن مسألة من سيكون مرشحا للرئاسة تهز بالفعل تحالف الأمة.
ولفت إلى أن تحالف الأمة يهدف للعودة إلى النظام البرلماني، بحيث يكون دور الرئيس رمزيا، وتصبح الصلاحيات بيد رئيس الوزراء، ولكن من أجل الوفاء بهذا الوفد، يجب إجراء تعديل دستوري، والحصول على 360 مقعدا إذا أرادوا الاستفتاء، أو أنهم بحاجة إلى 400 مقعد للتعديل بدون استفتاء.
وتساءل الكاتب، “هل بالفعل، سيقوم الرئيس المعارض إذا فاز بالرئاسة بنقل صلاحياته والعودة إلى النظام البرلماني؟ وهل ستتمكن المعارضة من الحصول على أغلبية من أجل تغيير الدستور؟”.
وأضاف أن تشبيه ميرال أكشنار، رئيس بلدية إسطنبول بـ”الفاتح”، يعتبر رسالة دعم قوية من زعيمة حزب الجيد أمام جبهة كليتشدار أوغلو.
وأضاف أن كليتشدار أوغلو اتخذ خطوة ضد هذا الدعم، بالإعلان عن إمكانية دخول تحالف الأمة إلى الانتخابات بعدد من المرشحين، في رسالة بأنه لا يفكر جديا بترشيح إمام أوغلو للرئاسة بأي شكل من الأشكال.
توزيع المناصب
وأشار إلى أنه في الوقت الذي يجري فيه النقاش حول مرشح الرئاسة، يتم البحث داخل تحالف المعارضة، عن مقترح نموذجي مشترك للجمهور قبل الانتخابات.
وأوضح أنه في عام 2022، سيتم العمل على الإعلان، والكشف عن تشكيلة الحكومة بهدف توسيع تحالف المعارضة واستقطاب الأصوات.
ويفكر حزب الشعب الجمهوري، بأن يكون كليتشدار أوغلو هو الرئيس، على أن يتم تنصيب رؤساء أحزاب المعارضة كنواب له، وهم: ميرال أكشنار، وتمل كارامولا أوغلو، وعلي باباجان إذا تم ضم حزبه للتحالف.
أما إذا تم الفوز بالانتخابات، وتحققت إمكانية الانتقال إلى النظام البرلماني، فإن كليتشدار أوغلو هو الرئيس، وميرال أكشنار هي رئيسة الوزراء، وينظر إلى وجود كارامولا أوغلو أنه قد يمنح الناخبات المحجبات القلقات الثقة، وأما علي باباجان فتسند إليه إدارة ملف الاقتصاد.
نقاط ضعف
واستدرك الكاتب، بأن هناك نقاط ضعف لدى تحالف المعارضة لإمكانية تحقيق ما ورد أعلاه، لافتا إلى أن البعض وعلى رأسهم حزب الجيد يقترحون تولي أكشنار إدارة العملية الانتقالية كرئيسة للجمهورية، وتطبيق نموذج إداري يتولى فيها كليتشدار أوغلو رئاسة الوزراء.
أما نقطة الضعف الثانية، فهي أن هذه الصورة متعددة الرؤوس يمكن أن تثير القلق لدى الناخبين من أن عصر الحكومات الائتلافية سيعود مرة أخرى.
ونقطة الضعف الثالثة، بحسب الكاتب، هي أنه “أين مكانة حزب الشعوب الديمقراطي من هذه التوليفة، وهل سيكون زعيمه نائبا للرئيس كما الآخرون، أم يتم منحه وزارة؟”.