رئيس التحرير

خطة ترامب: وهم الحلول لتصفية القضية الفلسطينية وتهديد الاستقرار الإقليمي

رئيس التحرير في مؤسسة فيميد، أ. إبراهيم المدهون


من الواضح أن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي طرح فيها فكرة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أماكن “أكثر أماناً” مثل مصر أو الأردن، تعبر عن قراءة غير واقعية للمشهد السياسي في المنطقة، بل وتكشف عن محاولة لإرضاء الاحتلال الإسرائيلي على حساب الحقوق الفلسطينية والقيم الإنسانية. هذه الفكرة ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة الخطط التي تهدف لتصفية القضية الفلسطينية، لكنها تأتي بحلة جديدة أكثر خطورة.

خطورة الطرح وتهديده لدول المنطقة
هذا النوع من الخطط لا يشكل فقط انتهاكًا للحقوق الفلسطينية، بل يهدد مستقبل دول الجوار، وعلى رأسها الأردن ومصر. الأردن يجد نفسه أمام تهديد وجودي في حال تنفيذ أي مخططات مشابهة، فيما ترفض مصر استراتيجيًا ودبلوماسيًا أي مساس بأمنها القومي أو محاولة الزج بها كبديل عن فلسطين.

لقد أثبتت مصر، عبر مواقفها، وعيها العميق بخطورة مثل هذه المشاريع. فحين طرح بنيامين نتنياهو سابقًا فكرة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء، جاء الرد المصري ذكيًا وحاسمًا، حينما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي: “لماذا لا يتم نقلهم إلى النقب؟” النقب الذي يُعتبر أرضًا فلسطينية فارغة تحتلها إسرائيل. هذا الرد أغلق الباب أمام هذه الطروحات، وأكد أن مصر لن تكون طرفًا في أي مشروع يهدف إلى طمس الحقوق الفلسطينية.

الحاجة إلى حوار شامل واستراتيجي
اليوم، تقف القضية الفلسطينية أمام منعطف تاريخي يتطلب خطوات جادة وحقيقية. المطلوب الآن ليس فقط رفض خطط التهجير والتصفية، بل العمل على إعادة بناء رؤية فلسطينية-عربية موحدة. هذا يتطلب:
حوار فلسطيني-عربي شامل: دعوة الأطراف الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، إلى المشاركة في القمة العربية القادمة، والاستماع إلى وجهات نظرها بما يعزز وحدة الموقف الفلسطيني والعربي.

تعزيز الموقف العربي المشترك: ضرورة صياغة موقف استراتيجي واضح يرفض أي محاولات لتغيير الحقائق على الأرض أو تهجير الفلسطينيين.

فتح قنوات حوار مع الولايات المتحدة: يجب التعامل مع الإدارة الأمريكية بحذر، مع العمل على توضيح مخاطر هذه السياسات على استقرار المنطقة. إذا أدركت واشنطن أن الانحياز المطلق لإسرائيل لا يخدم مصالحها، فقد يعيد ذلك توازن سياساتها.

رسالة إلى الولايات المتحدة
على الولايات المتحدة أن تعي أن شعوب المنطقة لا يمكنها قبول مثل هذه الطروحات التي تنسف أي فرصة للسلام والاستقرار. الاستمرار في دعم الاحتلال الإسرائيلي دون قيود سيعمّق من أزمات المنطقة، ولن يؤدي إلا إلى المزيد من التوتر. السلام الحقيقي يبدأ بإعادة الحقوق الفلسطينية وليس بتجاوزها، وأي محاولات للتهجير أو “التطهير” لن تكون سوى وقود لمزيد من الحروب الكبرى.

الشعب الفلسطيني، رغم كل الظروف، لن يغادر أرضه ولن يقبل بأي حلول تنتقص من حقوقه. المقاومة وعلى راسها حماس هي عنوان المرحلة، والتمسك بالحق الفلسطيني هو صمام الأمان الوحيد لاستقرار المنطقة. أما خطط التهجير، فمصيرها الفشل أمام صمود هذا الشعب وإرادة الأمة العربية ومشهد عودة النازحين أعمق رد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى