“المنصة” بقلم المخابرات الإماراتية…هدف جديد في المرمى
صهيب محمد
لطالما نسمع عن حروب الإعلام، وأهميتها و تأثيرها، من منظري الإعلام، ولعل أهم ميادين هذه الحرب هي حرب الدراما والأفلام، التي لطالما كانت محورَ اهتمام الغرب عموماً، وأميركا خصوصاً، التي يُشكل هذا القطاع رأس حربة إعلامية ضخمة ومهولة، سُخِّرت لها كل الإمكانات، وفي عالمنا العربي فكانت الأنظمة المُتحكمَ الأول في هذا القطاع، فمنذ العام 2010 م، سعى النظام الإماراتي إلى الاستحواذ المطلق على هذا المجال، واستطاع تحويل إمارة دبي إلى بوابةٍ لأي نجاحٍ درامي وفني، وسهل للفنانين والممثلين وشركات الإنتاج الإقامة هناك، وَقدّم لهم كلَّ ما يلزم، حيث باتت الإمارات المتحكِّم الأول في ميدان الدارما.
عوداً لمسلسل المنصة، المنصة هو مسلسلٌ إماراتي أبطاله عددٌ من الممثلين السوريين، وقلةٌ من الممثلين الإماراتيين، يتحدث بظاهره عن حرب المعلومات، وعن الجماعات الإسلامية، عُرض الجزء الثاني منه بداية شهر أبريل من عام 2020 على أهم منصة درامية في العالم “netflix” من تأليف الكاتب السوري هوزان عكو وإخراج المخرج الألماني “رودريغو كريشنار”، وإنتاج شركة جيت فيلم الإماراتية، هذا المسلسل الدرامي تدور أحداثه حول حياة أخوين يعيشان داخل عائلة مفككة، يحصلان على معلومات سريّة فيقرران تزويد العالم بها وإنشاء منصةٍ في العالم الافتراضي لتجميع كل هذه المعلومات وتخزين أسرارها.
فتبدأ الصراعات في عددٍ من البلدان في الشرق الأوسط، كان التركيز بشكلٍ واضح على “جماعة إسلامية”، تدَّعي أن عملها سياسي واجتماعي، لكنها تجهز لعمل عسكري ضخم يضرب عدداً من أرجاء العالم، حيث أظهر المسلسل نشاطاتٍ عسكرية “إرهابية” للجماعة، في عددٍ من البلدان، كان محور وجُلُّ الدعم والإمداد اللوجستي لهذه الجماعات، تنظيم إسلامي يغزو العالم، تشكل فيه تركيا مقراً رئيسيا، مع تسهيلات من النظام الحاكم، كما سلَّط الكاتب الضوء على نشاطاتٍ أخرى، تمارسها جمعياتٌ خيرية في أوروبا، من جنسياتٍ متعددة، كغطاءٍ لتبييض الأموال، وذكر المسلسل في أحداثه هشاشة “التنظيم” من الداخل والصراعات بين ما سماه الكاتب “مجلس الشورى” والتنافس بين أقطابه، وأنه يعمل على استقطاب الشباب وتربيتهم منذ الصغر، وزرع الأفكار التي سماها الكاتب “إسلامية شاذة” فيهم مستغلاً حماسهم، وهم يقومون بتنفيذ الأوامر على السمع والطاعة.
تدور هذه الأحداث من خلال صراعٍ بين هذه الأقطاب، وبين المنصة التي وفرت لها الإمارات مكاناً آمناً لحفظ المعلومات، حيث يظهر المسلسل أن هنالك في الإمارات تُستثمر الأفكار والمواهب، وأنهم يملكون القدرة على حماية كُل فردٍ وموهبة، المسلسل المُخرج بعناية، مع حبكات درامية شيِّقة، نجح نجاحاً باهراً على “netflix” والتي ترجمته لعددٍ من اللغات،
وحصد ملايين المشاهدات.
فيما سبق نموذجٌ للحرب التي تسخر لها الدول كُلَّ الإمكانات اللازمة، لتغيير الأفكار، وتشويه الوقائع، وتوجيه الرأي العام، ليس ذلك فحسب، بل تعود عليهم بالأرباح الطائلة…وتستمر الحرب من طرفٍ واحد فقط.