بتوقيت القدس

حملات لإنقاذ المحتوى الفلسطيني من قيود منصات التواصل

أطلق ناشطون ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، حملات تهدف لإنقاذ المحتوى الفلسطيني أمام ازدواجية المعايير التي اتبعتها شبكات وسائل التواصل الاجتماعي لمحاولة إخفاء الصوت الفلسطيني والتعتيم على الجرائم الإسرائيلية.

واشتكى عدد كبير من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من حظرهم ومسح منشوراتهم، ومنعهم من النشر والتعليق، خاصة عبر منصات “فيسبوك”، و”إنستغرام”، بعد مشاركة صور ومشاهد ومحتوى عن الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.

ودفعت ازدواجية المعايير هذه لإطلاق حملات مكثفة عبر إعطاء تقييم سلبي عن هذه التقييمات، والبث عبر وسوم عديدة تنادي بمنع حجب الصوت الفلسطيني والمحتوى الداعم له، فضلا عن البحث عن بدائل أخرى عن هذه المنصات.

ومنذ 10 مايو/أيار الجاري، أطلقت “إسرائيل” عدوان واسع النطاق ضد قطاع غزة، استهدفت خلالها المقاتلات الحربية منازل مدنيين وأبراجا سكنية ومؤسسات إعلامية، إضافة إلى الشوارع والبنى التحتية في القطاع.

وحتى صباح الأربعاء، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة، إلى 221 شهيدا، بينهم 63 طفلا، و36 سيّدة، بجانب أكثر من 1500 جريحا، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.

وتفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، منذ 13 أبريل/نيسان الماضي، جراء اعتداءات “وحشية” ترتكبها شرطة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنون في مدينة القدس المحتلة، خاصة المسجد الأقصى ومحيطه وحي “الشيخ جراح” (وسط)، إثر مساع إسرائيلية لإخلاء 12 منزلاً من عائلات فلسطينية وتسليمها لمستوطنين.

* حملة “#”unmutepalestine

شيماء الحديدي، صحفية مصرية مقيمة بإسطنبول، وعضو مؤسس بحملة “#”unmutepalestine، تحدثت عن الحملة التي أطلقت مؤخرا للدفاع عن المحتوى الفلسطيني بالقول: “انطلاقاً من متابعتنا للمحتوى الداعم لفلسطين وتحديداً المحتوى العربي، وعلى الجانب الآخر المحتوى الداعم لإسرائيل، وجدنا أن معايير المجتمع في فيسبوك تطبق بشكل مزدوج وغير عادل”.

وأضافت للأناضول: “بحكم عملنا الصحفي رصدنا منشورات لإسرائيليين يدعون بشكل مباشر وصريح لإقامة هولوكوست جماعي ضد الفلسطينيين، وكتابات تنادي بقتل الأطفال، وللعنف ضد أشخاص بعينهم بعد نشر أسمائهم وعناوين سكنهم، ولا يقوم فيسبوك بحذف المحتوى مباشرة إلا بعد عشرات البلاغات، وأحياناً لا يحذفه ويتركه ضمن إطار حرية التعبير”.

وزادت: “وعلى العكس، تابعنا مع عشرات ممن قيد النشر على حساباتهم الشخصية على فيسبوك، أو حذفت تعليقاتهم ومنشوراتهم، ووجدنا أن تفاعلاتهم كانت في أغلبها رافضة للاعتداءات الإسرائيلية، وتشارك نشر ما يحدث لأهالي القدس المحتلة وغزة”.

* دوافع الحملة

وحول الأدوات التي يملكها الناشطون وأهدافهم من الحملات، قالت الحديدي: “لا نعرف ماذا نملك تحديداً، فقد كان عجزنا عن دعم أهالي فلسطين، ثم عجزنا عن التعبير عن رفضنا لما يمارس ضدهم، والتحكم فيما نكتبه وما لا نكتبه – كان كله دافعاً لإطلاق هذه الحملة”.

وأردفت: “نسير في مسارات مختلفة، ويحاول أعضاء من حملتنا التواصل مع قانونيين لبحث طرق تقديم اعتراضات رسمية لفيسبوك ودعاوى قانونية، نعتقد أن الضغط عبر منصات فيسبوك وإنستغرام وتويتر نفسها، والمسارات الرسمية أو ربما اتباع مسار قانوني سيمثل ضغطاً على هذه المنصات للتراجع، خصوصاً أننا نتجاوز 200 مليون من مستخدمي منصة فيسبوك وحدها في المنطقة العربية والدول الإسلامية الرئيسية”.

وأوضحت: “انضم لحملتنا عشرات الآلاف، سواء عبر هاشتاغ #unmutepalestine، أو عبر صفحاتنا على فيسبوك، وإنستغرام، وتويتر، كما دعمنا عدد من الصحفيين العرب، ونحاول التواصل أيضاً مع مشاهير وقانونيين أجانب لينضموا لحملتنا، خصوصاً أن التقييد يطال المحتوى العربي بشكل أساسي، رغم استهدافه المحتوى الداعم لفلسطين بلغات أخرى”.

وختمت بالقول: “حتى الآن لا يمكننا سوى التحايل على خوارزميات فيسبوك، وقد نجح آلاف المستخدمين في التحايل بطرق متنوعة، مثل كتابة الكلمات بأحرف متفرقة أو بلا نقاط أو بإضافة فواصل بينها، خصوصاً الكلمات الحساسة مثل المقاومة والقسام والصهاينة، وذلك لتجنب أن تلتقطها خوارزمية فيسبوك وتحجب المحتوى فوراً”.

* تقييد التقييم

بدوره، أشار ياسر عاشور، وهو مختص منصات التواصل الاجتماعي، إلى أنه “تم إطلاق حملة عربية تجاوزت فلسطين، لتقييم تطبيق فيسبوك بنجمة واحدة على متاجر التطبيقات وكتابة تقييم بأن هذه المنصة منحازة للقاتل الإسرائيلي”.

وأضاف مستشهدا بأنه “في تركيا مثلا حاليًا تقييم فيسبوك على متجر أبل/آيفون هو 2.7 من 5، ويمكن كذلك فحصه في متجر أندرويد أو دول أخرى”.

ولفت أن “هناك مطالبات بتجاهل فيسبوك بما فيه تطبيق إنستغرام التابع للشركة الأم Facebook, Inc واستخدام منصات أخرى أبرزها تويتر الذي يعتبر أقل حدّة في ملاحقة المحتوى من فيسبوك نظرًا لطبيعته الإخبارية”.

* التحايل على الخوارزميات

وعن أساليب تخطي مضايقات وسائل التواصل الاجتماعي أفاد عاشور بأنه “يمكن ذلك من خلال عدة طرق، منها تجنب نشر المحتوى الذي تصنفه على أنه حساس، والتحايل على خوارزميات المنصة من خلال تشفير الكلمات والنصوص”.

وزاد: “يمكن أيضا خلق لغة جديدة قائمة على الكلمات المُشفرة واستخدامها، مثل كلمة (يحيى عياش) تصنفها فيسبوك أنها مخالفة، الفلسطينيون يستخدمون بدلا منها كلمة (المهندس)، فضلا عن تكثيف التواجد في منصات عربية بديلة تفهم خصوصية المستخدم الفلسطيني والعربي ويوجد تجربة عربية رائدة في هذا الأمر وهي منصة باز baaz.com”.

وقدم عاشور نصائح لمستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها: “قراءة سياسات منصات التواصل الاجتماعي بشكل جيد، وعندما يحصلون على تبليغ حول محتوى مخالف تقديم اعتراض وعدم السكوت، والشرح المستمر لهذه المنصات أن هذا المحتوى لا يعتبر مخالفًا”.

وأضاف: “يمكن الاستعانة بنشطاء خارج فلسطين للمساعدة في نشر المحتوى، حيث من خلال التجربة اتضح أن هذه الخوارزميات الموجودة في الغالب هي لمنطقة معينة وهي فلسطين، واستخدام المحتوى نفسه من الجزائر في نفس الوقت لا يؤثر على المحتوى”.

“حروف بلا نقاط”.. حيلة مغردين بمصر لدعم فلسطين هربا من الحظر

وفي استراتيجية أخرى للتحايل على “خوارزميات” منصات التواصل، التي ضيقت الخناق على منشورات دعم القضية الفلسطينية، لجأ مغردون مصريون إلى استخدام تطبيقات تنزع النقاط من الحروف، لضمان استمرار الدعم الإلكتروني للانتفاضة الفلسطينية.

وخوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، هي برمجيات ومعادلات آلية تستخدمها مواقع التواصل أبرزها فيسبوك وتويتر، لقياس مدى جودة المنشورات والصور والفيديوهات التي تنشر عبر تلك المواقع.

وبالتزامن مع الاعتداءات الإسرائيلية “الوحشية” على الأراضي الفلسطينية، دشن رواد منصات التواصل الاجتماعي بمصر، وسوما (هاشتاغات) للتضامن مع الفلسطينيين، لكن العديد منها تم حظره بدعوى “مخالفة المعايير”.

ولتشتيت خوارزميات تلك المنصات، لجأ المغردون بمصر إلى استخدام الكتابة العربية القديمة غير المنقوطة، باستخدام تطبيقات إلكترونية تنزع النقاط من الحروف، كما وضع آخرون نقاطا وفواصل وحروفا أجنبية وسط الكلمات العربية.

ومن هذه التغريدات ما كتبته الناشطة نجلا مصطفى، وقالت فيها: “ڡلسطىں عرٮىه وسٮطل عرٮىه، والأرص أرصىا وإسرائىل محىل لا أرص لها ولا دار”.

وتقصد مصطفى بتغريدتها: “فلسطين عربية وستظل عربية والأرض أرضنا وإسرائيل محتل لا أرض لها ولا دار”.

ووفق تقرير أصدره المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي (غير حكومي/فلسطيني)، في 9 مايو/ أيار الجاري، “حذفت مئات المنشورات والحسابات التي توثق الانتهاكات الإسرائيلية، حتى بات حجم حالات إزالة المحتوى وتعليق الحسابات دليلا واضحا وصريحا على الاستهداف الممنهج لهذا المحتوى”.

وطالب المركز “فيسبوك وتويتر بالتوقف فورا عن ممارسة الرقابة، وبإعادة حسابات ومحتوى الأصوات الفلسطينية، وفتح تحقيق في عمليات الحذف والإزالة، ومشاركة التحقيقات بشكل علني وشفاف”.

ولم يعلق الموقعان على هذه الاتهامات حتى اليوم، لكنهما يؤكدان عادة أنهما يعملان لحماية حرية التعبير للجميع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى