بتوقيت القدس

صواريخ المقاومة تفرض على الاحتلال معادلة الرعب والردع

أظهرت المقاومة الفلسطينية في جولة القتال الحالية مع الاحتلال الإسرائيلي قدرة متطورة في تحديد أهداف صواريخها ومداها، ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والمصابين الإسرائيليين، وخلق معادلة جديدة من التوازن في الرعب والردع.

وبات دوي صفارات الإنذار في مدن الداخل المحتل، مع إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، أكثر الأصوات ترددا، منذ اندلاع جولة التصعيد الحالية بين إسرائيل وقطاع غزة في 10 مايو/أيار الجاري.

وتترافق مع إطلاق صفارات الإنذار بالطبع، مشاهد هروب الإسرائيليين نحو الملاجئ والمناطق التي قد تكون آمنة، بعيدا عن مرمى صواريخ المقاومة.

ومنذ بدء التصعيد، أطلقت المقاومة الفلسطينية نحو 3500 صاروخ من قطاع غزة تجاه إسرائيل، بحسب صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية.

وذكرت الصحيفة أن أكثر من 4 آلاف إسرائيلي تقدموا حتى الآن ببلاغات عن أضرار كبيرة لحقت بالمنازل والشقق والسيارات والأثاث المنزلي وغيرها من الممتلكات جراء إطلاق الصواريخ.

وأسفر إطلاق الصواريخ تجاه الأراضي المحتلة عن مقتل 12 إسرائيليا وإصابة العشرات بجروح.

ويرى مراقبون أن أعداد القتلى الناتجة عن صواريخ المقاومة، هي أضعاف ما يتم نشره، لكن الرقابة العسكرية الإسرائيلية تفرض الحظر على نشر الإحصائيات الحقيقية.

واعتبر محللان سياسيان ومختص في الشؤون الإسرائيلية، في أحاديث متفرقة لوكالة الأناضول، أن المقاومة طورت قدراتها في تحديد أهداف الصواريخ ومداها، واستطاعت إيقاع عدد كبير من القتلى الإسرائيليين، عدا عن خلق نوع من توازن الرعب، وتأكيد جهوزيتها وقدرتها في الرد على الجرائم الإسرائيلية.

* إخفاء الخسائر

عماد أبو عواد، المختص في الشؤون الإسرائيلية، يؤكد أن “الاحتلال دأب على إخفاء خسائره”، مستشهدا بأن “إسرائيل لم تعلن عن الخسائر التي تسببت بها صواريخ سكود العراقية، إبان حرب الخليج الثانية عام 1991، إلا بعد نحو 3 عقود، وكانت أضعاف ما أعلن عنه في حينه”.

ومطلع يناير/كانون الثاني الماضي، كشفت سلطات الاحتلال الإسرائيلي للمرة الأولى أن 14 من مواطنيها قتلوا قبل نحو 3 عقود في هجوم بصواريخ “سكود” العراقية التي أطلقت إبان حكم الرئيس “صدام حسين” على تل أبيب فيما سمي حرب الخليج الثانية.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن تقرير لأرشيف الجيش الإسرائيلي إنه “في الفترة من 18 يناير/كانون الثاني حتى 25 فبراير/شباط 1991، سقط على إسرائيل 43 صاروخا في 19 هجوما صاروخيا، انطلاقا من غربي العراق”.

واعتبر المختص أبو عواد أن “الاحتلال يتكتم على إعلان خسائره خشية تأزيم الجبهة الداخلية، ما سينتج عن ذلك من انهيارات وتضعضع معنويات المستوطنين”.

واستكمل: “غالبية الإسرائيليين قدموا إلى دولة الاحتلال للبحث عن الأمن والاقتصاد، وإذا ما تأثر أحدهما فقد ينتفي سبب البقاء”.

ويعتقد أبو عواد أن “هدف المقاومة الأشمل هو تحرير الأرض، لا ممارسة عملية قتل مثل التي يمارسها الاحتلال بوحشية”.

ولفت إلى أن “مجرد إعلان المقاومة عن موعد قصف المدن والمستوطنات الإسرائيلية، يؤكد أن ثقتها بما لديها كبير، والقناعة بمدى تأثيره”.

وتابع: “المقاومة الفلسطينية مقاومة أخلاقية، وهي عندما أرادت قصف تل أبيب أعلنت مسبقا عن ذلك، لأن الهدف ليس القتل بحد ذاته، بل بث الرعب، والتأكيد على القدرة في الرد على عدوان الاحتلال”.

* حجم الصدمة

متفقا مع أبو عواد، رأى كمال علاونة، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، أن “الرقابة العسكرية الإسرائيلية تفرض تكتيما كبيرا حول حجم الخسائر”، لافتا إلى أن “بعض التقديرات تشير إلى سقوط أكثر من 97 قتيلا جراء الصواريخ حتى الآن”.

لكنه استدرك بالقول: “المفعول الحقيقي لصواريخ المقاومة هو اضطرار أكثر من 70 بالمئة من سكان دولة الاحتلال إلى المبيت في الملاجئ”.

وقال للأناضول: “إن العبرة ليست بسقوط قتلى، بل بحجم الصدمة التي تسببها قدرة المقاومة على الرد، والوصول لأماكن بعيدة، بمختلف أنواع الصواريخ”.

وتقول وسائل الإعلام العبرية، بينها “جروزاليم بوست”، إن “حماس تمتلك أكثر من 14 ألف صاروخ، فقط عدة مئات منها طويلة المدى”، أي تصل إلى عمق دولة الاحتلال مثل “تل أبيب” (وسط)، وحيفا (شمال)، وإيلات أقصى الجنوب.

وشدد علاونة على أن المقاومة “خطت خطوة ذكية بقصف مناطق في القدس المحتلة، وكانت سببا في ردع اقتحامات المستوطنين لساحات الأقصى، ولو بشكل جزئي”.

وبين أن “(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو صُدم من حجم القوة العسكرية لدى المقاومة، والإعداد والتجهيز، وقدرتها على إدارة المعركة لفترة طويلة”.

* توازن في الرعب

أما الكاتب المقدسي حمدي فراج، فرأى أن صواريخ المقاومة “ليست سلاحا يبحث عن القتل، والرأي الشائع أنها يجب أن تقتل، أمر خاطئ”.

وقال: “الصاروخ سلاح وجد لملء الفجوة الموجودة بين حجم عتاد الاحتلال وترسانته العسكرية، وما بين تواضع سلاح المقاومة”.

واعتبر أن “المطلوب عمل نوع من التوازن في الرعب، وهو ما تركز عليه المقاومة بالفعل”.

وأشار فراج إلى “(قائد الجناح المسلح في حركة حماس محمد) الضيف، عندما هدد إسرائيل، قبل موجة التصعيد، هدد بالقول: سنقصف ولم يقل سنقتل”، لأنه كلما تجنبت المقاومة قتل المدنيين، فإنها تحقق النصر الأكبر، وتلقى الدعم والمناصرة”.

وحتى مساء الإثنين، ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على غزة إلى 212 شهيدا، بينهم 61 طفلا، و36 سيّدة، بجانب 1400 جريح، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية في القطاع.

ووفق مصادر حقوقية في غزة و”إسرائيل”، استهدف الجيش الإسرائيلي في غاراته منازل مدنيين وأبراجا سكنية ومؤسسات إعلامية، إضافة إلى الشوارع والبنى التحتية في القطاع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى