مقالات

المجتمع الفلسطيني والإسلام السياسي.. ردا على ناصر القدوة

رأفت مرة

في مناخ فلسطيني اتسم مؤخرا بالحوار الوطني والتواصل بين مختلف المكونات السياسية وفصائل العمل الوطني وقوى المقاومة ، ما أعطى دفعة من الأمل في إنجاز مصالحة وطنية حقيقية وإجراء انتخابات تمثيلية ومعالجة نقاط الخلاف، في ظروف سياسية دولية واقليمية بالغة التعقيد، وتهديدات هائلة تستهدف القضية الفلسطينية ومستقبل الإنسان الفلسطيني، خرج ناصر القدوة في عدة حوارات صحفية مهاجما حركة حماس، ثم وسع دائرة هجومه ليشمل “الإسلام السياسي” الفلسطيني تحديدا، غامزا من نقاط فكرية وسياسية حول النهج والأداء والمشروع السياسي.

لا شك أن القدوة يخوض الانتخابات بقائمة بعيدا عن حركة فتح وهو طرد من الحركة ونزعت منه (مؤسسة ياسر عرفات)، وتعرض لحملة فتحاوية.

كل هذا شيء وأن يتجه لمهاجمة حماس وقوى الإسلام السياسي الفلسطيني ومشروع الحركات الإسلامية شيء آخر.

يعلم الجميع أن المجتمع الفلسطيني مثل غيره من المجتمعات العربية والإسلامية في المنطقة.

تتواجد في المجتمع القوى الوطنية والحركات الإسلامية والاتجاهات العلمانية واليسارية والقومية، كما تتواجد مختلف الاتجاهات الفكرية والمدارس والانتماءات. وإن مجتمعاتنا عانت من التصادم وأحيانا الصراع العنفي بين عدد من هذه المكونات، ولا داعي لاستمرار التاريخ، والواقع حاضر أيضا.

لكن في فلسطين يوجد هناك تيار وطني واسع ساهم في العمل الوطني الفلسطيني في الفكر والأدب والاقتصاد، وساهم في انشاء المؤسسات والعمل السياسي ومقاومة الاحتلال والنهضة، وهذا التيار موجود في المجتمع الفلسطيني في الداخل والخارج، وله رموزه وتاريخها.

ولا يمكن التقليل من هذا التيار أو تحجيمه أو طمس تاريخه.

لكن أيضا يوجد تيار إسلامي له جذوره وحضوره وشعبيته ورموزه وهو تيار _ بجميع مكوناته _ حاضر في التاريخ والواقع وله إسهاماته وإنجازاته في السياسة والأدب والفكر والثقافة والمقاومة وخدمة المجتمع وتنميته والتعليم والاقتصاد والإعلام.

كما أن التيار الوطني الفلسطيني له إنجازات كثيرة لا يمكن إنكارها ولا يمكن تلخيصها هنا.

فإن التيار الإسلامي السياسي له إنجازات ضخمة وتشهد السنوات الأربعين الأخيرة على قدرة هذا التيار في الدفاع عن القضية الفلسطينية وعن الثوابت والإنسان.

إن تصريحات ناصر القدوة خطيئة سياسية خارجة عن السياق الوطني الفلسطيني العام وبعيدة عن توجهات المجتمع الفلسطيني الذي يحترم القوى الوطنية والإسلامية ويقبل بالتعدد ويقوم على التنوع ويؤكد على أن يكون الاختلاف ضمن الحوارات الفكرية والوطنية وليس عبر العنف أو الشحن أو الاتهام أو التراشق عبر وسائل الاعلام.

إن ناصر القدوة استخدم أسلوبا معيبا ولغة قديمة بالية ومصطلحات فاسدة هي خارج حالة التفاهم الفلسطيني وبعيدة كل البعد عن ثقافة المجتمع الفلسطيني وتنوعه.

ربما حاول ناصر القدوة تسويق نفسه انتخابيا في الداخل والخارج، أو التمهيد للمنافسة على موقع رئاسة السلطة الفلسطينية، لكنه بلا شك استخدم أسلوبا معيبا وطريقة عفنة ولغة متخلفة.

مجتمعنا الفلسطيني يضم في كل بيت وعائلة وقرية ومدينة وجامعة ومؤسسة اتجاهات وطنية وإسلامية وغيرها.

ومجتمعنا صاحب هوية منفتحة لا تقبل الالغاء والتحجيم وترفض الاحتكار والهيمنة.

المطلوب أن نعزز ثقافة الحوار والعمل والمشترك والانفتاح وتقبل الآخر ونرفض مبدأ الاتهام والهجوم.

نحن في مجتمع يحتاج كل أبنائه وتياراته في معركة التحرير والعودة وبناء المستقبل.

لا مكان لتصريحات وأفكار ناصر القدوة الهدامة في مجتمعنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى