بتوقيت القدس

باحث فلسطيني: خالد مشعل يفكك الملفات العالقة بين حماس والسعودية

سلط الدكتور عدنان أبو عامر الاكاديمي الفلسطيني والباحث المتخصص في الشأن الاسرائيلي، الضوء على المقابلة التلفزيونية التي أجراها خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الخارج، مع قناة “العربية” السعودية، معتبرا أنها قد تسهم في فكفكة الملفات العالقة بين حماس والسعودية.

ورأى أبو عامر في مقال نشره على موقع TRT عربي، أن المقابلة ليست بالضرورة أن تفتح  أبواب السعودية أمام حماس خلال أيام قليلة قادمة، رغم أن هذا ما يأمله مشعل ورفاقه في قيادة الحركة، لكنها على الأقلّ قد توقف حالة التشويه والتشهير التي تعرضت لها الحركة من قبل “العربية” وباقي الوسائل الإعلامية السعودية.

وأضاف “وقد تسهم في فكفكة الملفات العالقة بينهما، لا سيما سجناء حماس في المملكة، وهو ملف يؤرق حماس كثيرا، والأهمّ من ذلك كبح جماح تيارات داخل المملكة تحاول اللحاق بركب التطبيع مع إسرائيل، لا سيما مع أفول عهدَي ترمب ونتنياهو”.

وتناول أبو عامر أبرز ما حملته إطلالة خالد مشعل على قناة “العربية” من دلالات مرتبطة بالتوقيت، وأولها أنها تأتي بعد شهور قليلة فقط من انتخابه زعيماً لحماس في إقليم الخارج.

واعتبر أن المقابلة التليفزيونية المفاجئة قد تخدم توجهات الحركة عموما، ومشعل خصوصا، وهو يقود الحركة في الخارج، والحديث يدور تحديداً عن علاقات الحركة الخارجية، لا سيما في الدول العربية والإسلامية، والسعودية دولة محورية ومركزية.

واللافت أن مشعل يسعى لتطبيق سياسة “صفر مشكلات” مع الإقليم، بدأها في تعزيز العلاقة مع تركيا، مرورا بإرسال رسائل إيجابية باتجاه إيران، وانتهاءً بالسعودية التي لم يُخفِ مشعل رغبته في أن تستضيف قيادة حماس، أسوة بباقي الدول التي زارتها في الآونة الأخيرة.

وثالث هذه الدلالات، حسب أبو عامر، مرتبطة بالمقطع الذي حذفته قناة “العربية” من المقابلة، المتعلق بمطالبة مشعل للسعودية بإطلاق سراح عشرات من أنصار حماس والمحسوبين عليها في المملكة منذ أكثر من عامين، وفي حال تحققت هذه المطالبة، بجانب جهود باقي قادة الحركة، بطي صفحة هذا الملف، فسيشكل ذلك رصيداً للرجل ورفاقه في جهد دبلوماسي وشخصي حثيثين لم يتوقفا طوال الفترة الماضية.

وذكر أبو عامر أن هذه المقابلة تجري أيضا في وقت يجري فيه ترميم العلاقات القطرية-السعودية، والقطرية-المصرية، والمصرية-التركية، كأننا نشهد عصر “المصالحات” الإقليمية، وربما تسعى حماس لأن تكون جزءا منها، لا سيما وأن مشعل يرتبط بعلاقات شخصية وثيقة جدا مع الأمير تميم والرئيس أردوغان.

أما الدلالة الخامسة، فتتناسب عكسيا مع سابقتها، وتتعلق بالتنافر الجاري أمام مرأى العالم وبصره بين الرياض وأبو ظبي، حول مسائل عديدة، آخرها الخلاف حول موضوع النفط، وقرارات السعودية المتلاحقة باتجاه الإمارات، مما دفع عديدا من الأوساط الإعلامية والسياسية الخليجية تحديدا، إلى الربط بين الحدثين، مقابلة مشعل وهذا التوتر، كأن الرياض أرادت من هذه المقابلة التي أجرتها قناة “العربية” (السعودية)، من قلب دبي (الإماراتية)، أن تذكّر الأخيرة بأن لديها أوراق ضغط إقليمية، تتعلق بالقضية الفلسطينية، وفي صدارتها العلاقة مع حماس، حسب أبو عامر.

وحسب أبو عامر أن ما جاء في هذه المقابلة هو برقيات خاطفة يجدر التوقف عندها، ومنها أنها جاءت بمبادرة من “العربية” ومن يقف خلفها، من سياسة ودعم وقرار، وهي لفتة تستحق التأمل، لمحاولة تخمين جملة الأهداف والأغراض التي أرادها صانع القرار في القناة، ومن يوجهها، من ظهور مشعل على شاشتها، سواء باتجاه محاولة طي صفحة خلاف الماضي بين حماس والسعودية، أو محاولة الأخيرة العودة إلى الساحة الفلسطينية، بعد غياب لافت خلال السنوات الأخيرة، أفسح المجال لدول أخرى لتعبئة الفراغ الشاغر.

ولفت أبو عامر إلى أن خالد مشعل المعروف بدبلوماسيته الهادئة، ومفرداته المنتقاة بعناية، معني بأن لا يرمم علاقات حركته مع طرف، ويوترها مع طرف آخر، كأن لسان حاله يقول للسعودية وغيرها: “نحن هكذا، اقبلوا بنا كما نحن، حريصون على علاقات جيدة وقوية مع الجميع، لكننا في الوقت ذاته لا نعمل عند أحد، مهما علا شأنه، وزاد دعمه”.

وصحيح أن هذه المقابلة لم تحُز على رضا قواعد حماس، وفق أبو عامر، باعتبار أن قائدهم منح “العربية” امتيازا قد لا تستحقه، بسبب حملاتها القاسية على الحركة، لكن القائد، في نظر مشعل، لا يسعى لإرضاء الجميع، ولا يقدم برامج “ما يطلبه المشاهدون”، لكنه في الوقت ذاته لا يصدم قناعاتهم، ولعل ما لديه من معطيات حول حيثيات المقابلة، وما سبقها من ترتيبات ليست للنشر، على الأقل حاليا، تجعل خطوته لاحقا، محط رضا وموافقة المتحفظين اليوم، رغم أن ما لدى كاتب السطور من معلومات يؤكد أن مشعل أجرى مشاورات مع قيادة حماس لإجراء هذه المقابلة.

وذكر أبو عامر أن الخلاصة المهمة في هذه المقابلة أنها قد تسهم في فكفكة الملفات العالقة بين حماس والسعودية، لا سيما سجناء حماس في المملكة، وهو ملف يؤرق حماس كثيرا، والأهم من ذلك كبح جماح تيارات داخل المملكة تحاول اللحاق بركب التطبيع مع إسرائيل، لا سيما مع أفول عهدَي ترمب ونتنياهو.

وختم قائلا “لعل حماس لديها المزيد من الطموحات بعيدة المدى، دون أن يكون لديها أحلام وردية تعقب هذه المقابلة، لكنها بالتأكيد معنية أكثر من سواها بأن تكون السعودية بثقلها العربي ووزنها الإقليمي أكثر تفهماً لعلاقات الحركة الإقليمية، وأقل هجوما عليها، مما يمنح حماس أريحية في نسج المزيد من علاقاتها بعيداً عن تحسب غضب هذا الطرف أو ذاك، وإدارة هذه العلاقات بـ (مبضع جراح) ماهر، يراكم الإنجازات، ويقفز على العثرات، لما فيه مصلحة القضية الفلسطينية، أولا وأخيرا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى