ترحيب فلسطيني بقرار حزب العمال البريطاني بعد تأييد معاقبة الاحتلال
تباينت ردود الفعل بين مؤيد ومعارض بشأن تصويت حزب العمال البريطاني، أمس الإثنين، بأغلبية ساحقة على حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة لأراضيهم المحتلة، في المؤتمر السنوي العام للحزب والذي عقد في مدينة برايتون، جنوب إنكلترا.
وفي أول تعقيب لها، ثمنت حركة حماس القرار، وقالت على لسان الناطق باسمها حازم قاسم إنه أصبح من الصعب إخفاء جرائم إسرائيل، داعياً كل المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني لاتخاذ مزيد من المواقف والخطوات الجادة في سبيل محاكمة ومعاقبة إسرائيل.
وكان أعضاء حزب العمال البريطاني قد صوتوا بأغلبية واضحة مع قرار يدين “النكبة المستمرة في فلسطين، وهجوم إسرائيل العسكري على المسجد الأقصى والتهجير المتعمد في الشيخ جراح وعدوان الاحتلال على غزة. كما يرحب القرار بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية في جرائم سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”، أشار المؤتمر إلى قرار صادر عن مؤتمر النقابات العمالية في عام 2020 وصف فيه نشاط إسرائيل الاستيطاني بأنه جزء من جريمة الفصل العنصري “الأبارتايد” التي ترتكبها إسرائيل في الأراضي المحتلة، داعيا نقابات العمال في أوروبا وكافة أنحاء العالم “للالتحاق بالحملة الدولية لوقف ضم الأراضي وإنهاء نظام الأبارتايد”.
من جانبه أشاد السفير الفلسطيني في المملكة المتحدة حسام زملط بالقرار، واصفا إياه بالتاريخي، مؤكدا أنه رغم المحاولات الحثيثة التي بذلت لتعطيل التصويت، واختصار النقاش ومحاولات سحب مشروع القرار، وبعد عام ونصف من الحملة المسعورة التي بذلتها إسرائيل لخنق وتشوية القضية الفلسطينية، وترهيب وملاحقة ومطاردة أصدقاء فلسطين من الحزب، إلا أن أعضاء الحزب صوتوا وبأغلبية ساحقة.
وقال زملط “الحق انتصر، وصوت أعضاء الحزب بأغلبية ساحقة باعتبار إسرائيل دولة فصل عنصري، والدعوة لفرض عقوبات اقتصادية وعسكرية عليها”، معتبراً أن هذا التصويت انتصار للشهداء والأسرى والجرحى ونضال الشعب الفلسطيني، ونضال للقيم والأخلاق الدولية.
كما قدم شكره لأصدقاء فلسطين، على حد تعبيره، وحملة التضامن البريطانية وأعضاء الحزب، مردفاً: “مشوارنا نحو الحرية طويل ولكن الوصول لخط النهاية حتمي”.
القرار بحسب ما نشرت صحيفة “إندبندنت” البريطانية أثار خلافاً مع قادة الحزب، بسبب مطالبة مندوبيه بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب سياستها العنصرية تجاه الفلسطينيين، والعمل على وقف بناء المستوطنات، وإلغاء أي عمليات ضم أو توسع استيطاني، فضلاً عن الدعوة لإنهاء احتلال الضفة الغربية ورفع الحصار المفروض على قطاع غزة.
وأضافت الصحيفة البريطانية: “القرار دعا لفرض عقوبات لضمان قيام إسرائيل بهدم جدار الفصل العنصري المقام على أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة، واحترام حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في القانون الدولي وعودتهم لديارهم التي هجروا منها”.
وأشارت إلى أن الاقتراح تضمن الدعوة لتطبيق حملة حقوق الإنسان التي “خلصت بشكل قاطع إلى أن إسرائيل تمارس جريمة الفصل العنصري على النحو المحدد من قبل الأمم المتحدة”.
ولكنها في الوقت ذاته، أكدت على أن ليزا ناندي، وزير الظل في الحكومة البريطانية، سارعت إلى إبعاد نفسها عن مشروع القرار، في إصرار منها على أن حزب العمال يجب أن يتبع نهجاً عادلاً ومتوزاناً، وأن ما حدث لن يساهم في احلال السلام في المنطقة.
وقالت ناندي: “لا يمكن أن يكون هناك سلام دائم إلا من خلال حصول إسرائيل على الأمن والأمان الذي يمنحها فرصة للعيش جنباً إلى جنب مع دولة فلسطينية ذات سيادة قابلة للحياة”.
وشددت على أنه لا يمكن دعم مشروع القرار، لأنه لا يعالج قضايا الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بطريقة شاملة أو متوازنة، على حد وصفها، مشيرة إلى أن سياسة حزب العمال من المفترض أن تقوم على إدانة الاستخدام غير المقبول للعنف ضد المدنيين من جميع الأطراف.
وتابعت: “لن يكون هناك سلام عادل ودائم حتى يتم إنهاء الاحتلال بشكل دائم، ويتمتع كل من الفلسطينيين والإسرائيلييين بالأمن والكرامة وحقوق الإنسان، نحن ندين جميع الإجراءات التي تجعل هذا الهدف أكثر صعوبة.
من جانبه، قال جواد خان، عضو حزب العمال، وهو مسلم من أصول باكستانية معلقاً على مشروع القرار: “الاقتراح المعروض عليكم لن يرسل فقط تضامناً لا هوادة فيه مع الشعب الفلسطيني، من خلال الدعوة لفرض عقوبات ضد دولة تمارس جرائم الحرب، بل سيقربنا خطوة جديدة من إنهاء قرن مخز من التواطؤ البريطاني وإنكار حق تقرير المصير والتحرير والعودة”.
واستند تصويت أعضاء حزب العمال على تقارير نشرتها منظمات حقوقية دولية و”إسرائيلية”، كمنظمة “بتسليم” – مركز المعلومات الإسرائيلية وحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” حيث خلصت تقاريرهم بشكل قاطع إلى أن إسرائيل تمارس جريمة الفصل العنصري على النحو المحدد من قبل الأمم المتحدة.
كما رحب المؤتمر بقرار المحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق في الانتهاكات المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 2014.
وفي السياق، رحبت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات بالقرار، قائلة “نرحب بهذا القرار وبتضامن قاعدة حزب العمال مع النضال الفلسطيني، من أجل الحرية والعدالة والمساواة لا سيما في الوقت الذي تتصاعد فيه العنصرية والقمع في بريطانيا، ضد مناصرة حقوق الفلسطينيين، حتى في أوساط قيادة حزب العمال البريطاني”.