تفجير الاتصالات وما بعده.. استعراض إسرائيلي أم استجابة اضطرارية؟
مدير مؤسسة فيميد أ. إبراهيم المدهون يجيب
تعتبر عملية تفجير اتصالات حزب الله بمثابة خطوة استخباراتية إسرائيلية تعكس حالة الاضطرار لدى الاحتلال. يبدو أن هذه العملية كانت على وشك الانكشاف، مما دفع الاحتلال إلى الإسراع في تنفيذها قبل أن تُكشف تفاصيلها بالكامل ويتم إبطالها.
تبدو نظرية استخدام البطاريات كوسيلة للتفجير غير عملية وغير تقنية مقارنة بتفخيخ الهواتف المحمولة، وهي طريقة سبق لإسرائيل استخدامها وفشلت، تحديدًا في عام 2009 عندما حاولت تفخيخ أجهزة اتصالات لدى كتائب القسام. في تلك العملية، تم كشف التاجر الذي كان قد أدخل تلك الأجهزة إلى غزة، وهرب قبل أن يتم القبض عليه. لا ننسى أيضًا أن إسرائيل اغتالت الشهيد يحيى عياش عام 1996 باستخدام جهاز اتصالات مفخخ.
رغم أن العملية قد أسفرت عن إصابة عدد كبير من أعضاء الحزب، إلا أنها لن تؤدي إلى حرب واسعة النطاق، حيث لم تؤثر بشكل جوهري على قدراته القتالية. في الواقع، قد تؤدي هذه العملية إلى اكتشاف المزيد من الأفخاخ التي زرعتها إسرائيل، مما يجعل حزب الله أكثر وعيًا وتماسكًا في مواجهة الهجمات القادمة.
تمثل العملية استعراضًا إسرائيليًا يهدف إلى إبراز التفوق الاستخباراتي، لكنها على الأرجح سترفع منسوب التحدي لدى قيادة الحزب، بدلاً من تحقيق أهدافها. وتعتبر هذه الطريقة في الهجوم غير أخلاقية، حيث تعتمد على الخداع والخيانة بدلاً من المواجهة المباشرة، مما يبرز الطابع الدنيء للعملية.
تُطرح تساؤلات حول كيفية نجاح الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ هذه العملية المعقدة، في الوقت الذي تمكنت فيه كتائب القسام في 7 أكتوبر من تجاوز أقوى أجهزة استخبارات الاحتلال وتوجيه ضربة قوية في تاريخ الصراع. يُعتبر ذلك دليلًا على تفوق كتائب القسام استخباراتيًا. ومع ذلك، سجل حزب الله أيضًا تفوقًا استخباراتيًا ملحوظًا على الاحتلال في عدة جولات، مثل جمع المعلومات ورصد الجنود والضباط وكشف نقاط القوة.
إن المعركة الاستخباراتية هي طويلة الأمد، وأهميتها اليوم تفوق المعارك العسكرية، لأنها تحقق التفوق الحاسم.
لذا، نوصي بالتركيز الأكبر على تطوير العمل الاستخباراتي، مع ضرورة تجنب استخدام الأجهزة الغربية واستبدالها بأخرى شرقية، نظرًا لقدرة الاحتلال على الوصول إلى العديد من التكنولوجيات الغربية.
في الختام، نتوجه بالعزاء إلى الشعب اللبناني، ونؤكد ثقتنا في قدرة لبنان وحزب الله على تجاوز هذه المحنة والاستعداد لما هو قادم. فالمواجهة مع الاحتلال طويلة ومستمرة، ويومٌ لنا ويومٌ علينا.