صوت فلسطين

“حماس”: لا تهدئة دون القدس والأقصى

طالبت حركة “حماس” بأن تشمل أي تهدئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة كلا من قطاع غزة ومدينة القدس والمسجد الأقصى، وهي جميعها تتعرض لهجمات من الاحتلال الإسرائيلي.

ويؤكد سامي أبو زهري، الناطق باسم “حماس”، في مقابلة مع الأناضول بإسطنبول، الانفتاح على جهود الوسطاء الإقليميين والدوليين للتهدئة، بينما تصر إسرائيل على الفصل بين غزة والقدس والأقصى، لكن التهدئة الشاملة هي مطلب الحركة الأساسي.

ومنذ 13 أبريل/ نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جراء اعتداءات “وحشية” ترتكبها شرطة الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنوها في القدس المحتلة، وخاصة المسجد الأقصى وحي “الشيخ جراح” (وسط)، في محاولة لإخلاء 12 منزلا فلسطينيا وتسليمها لمستوطنين.

والخميس، دخل العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الـ11، وبلغ عدد ضحاياه 230 شهيدا، بينهم 65 طفلا و39 سيدة و17 مسنا، بجانب 1710 جرحى، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية بالقطاع.

فيما استشهد 28 فلسطينيا، بينهم 4 أطفال، وأصيب قرابة 7 آلاف بالضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس، خلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، يستخدم فيها الرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين.

وبحسب “نجمة داود الحمراء” الإسرائيلية، قُتل 12 إسرائيليا وأصيب أكثر من 600 آخرين، خلال رد الفصائل الفلسطينية بإطلاق صواريخ من غزة، ما سبب أيضا خسائر اقتصادية.

** اتصالات التهدئة

أبو زهري، يتحدث عن جهود التوصل إلى تهدئة بالقول: “هناك اتصالات تجريها العديد من الأطراف الدولية والإقليمية والتوسط لوقف العدوان على غزة، وفي مقدمة هذه الأطراف مصر وقطر والمبعوث الدولي (مبعوث الأمم المتحدة الخاص بعملية السلام بالشرق الأوسط تور وينسلاند)”.

ويضيف: “نحن في حركة حماس منفتحون على هذه الجهود لضمان وقف العدوان على غزة، ولكن المشكلة هي في الاحتلال الإسرائيلي الذي يرفض التفاعل بإيجابية مع هذه الجهود، ويصر على الفصل بين الوضع في غزة والعدوان على المسجد الأقصى ومدينة القدس، وهذا بالنسبة لنا هو مطلبنا الأساسي”.

ويشدد على أنه “يجب توقف العدوان على غزة والمسجد الأقصى أولا، الاحتلال يرفض هذا الربط، باعتبار أنه يريد أن يكرس يهودية القدس، وهو أمر لا يمكن أن نسمح به، ويحاول أن يراهن على عامل الوقت لعله يصل إلى ما يمكن أن يمثل صورة إنجاز ينهي من خلاله هذه الحرب”.

ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1981.

ويستطرد أبو زهري: “نؤكد أننا في حماس مستعدون للتعاطي مع هذه الخيارات ومعنيون بنجاح جهود الوساطة بوقف العدوان، ولكن في حال استمرار العدوان فلدينا الجاهزية الكاملة في الاستمرار ومواجهته”.

** شروط الحركة

وحول شروط “حماس” للتهدئة، يوضح أبو زهري: “لا نتحدث عن شروط بل عن إنهاء الأسباب التي أدت لنشوء الحرب، وهو العدوان على المسجد الأقصى، ومنع حرية وأمان المصلين داخله، ومحاولات التهجير الجماعي للأحياء المحيطة به، وخاصة حي الشيخ جراح”.

ويردف: “يجب أن يتوقف ذلك، ولا يمكن أن نسمح به، ولا يمكن أن تتوقف المواجهة ما لم يوقف الاحتلال عدوانه على المسجد وعلى مدينة القدس”.

أما بخصوص شروط “إسرائيل”، فيجيب: “نحن في غير وارد أن نستمع لشروط من الطرف الإسرائيلي، نحن في حالة دفاع عن النفس، كل العالم يدرك والإقليم والمجتمع الدولي أن بداية المعركة كانت بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وهو الذي فجّر الموقف”.

ويزيد: “حماس حذرت من انفجار الموقف من (خلال) اقتحام المسجد ومن خطورة تمكين المستوطنين من الصلاة داخل مصليات المسجد الأقصى، الاحتلال هو الذي أصر على ذلك وارتكب الجريمة وفجّر الموقف، ولذلك نحن الذين نطالب بوقف العدوان على المسجد وعلى أهلنا في القدس وغزة قبل العودة لما كانت الأمور عليه”.

** مقترحات الوسطاء

وعن مقترحات الوسطاء، يرد أبو زهري: “هناك اقتراحات عديدة، بينها وقف متبادل في غزة، وهذا الوضع المتبادل يجب أن يكون مقترنا بالقدس والمسجد الأقصى، وهناك اقتراحات تتعلق بالتهدئة وإدخال الوقود لعدة أيام”.

ويضيف: “ندعو لوقف العدوان بشكل شامل على شعبنا الفلسطيني، وهذا هو مطلبنا، أما أن نصل إلى تهدئة تتعلق بغزة فيما يستمر الاحتلال باقتحام المسجد وتدنيسه وتهجير أهلنا في القدس خاصة، فهذا غير مسموح ولن نقبل به وجاهزون للاستمرار بالمعركة إذا استمر الاحتلال في اقتحاماته وتدنيسه للقدس والمسجد الأقصى”.

ويتابع: “بغض النظر عن خلفية تدخل الأطراف الوسيطة، لدينا مواقف ومتمسكون بها، وكل الأطراف تقدر ذلك ولا يوجد أي ضغوط على الحركة (…) وربما هذه المرة هي الأكثر تفهما من الإقليم والمجتمع الدولي لموقف حماس، الكل تابع عبر البث المباشر كيف فجّر الاحتلال الموقف”.

ويفيد بأن “الموقف المصري فيما يتعلق بفتح المعبر (رفح البري مع غزة) واستقبال الجرحى وتخصيص مبلغ للمساعدة في غزة (500 مليون دولار) هو موقف نقدره ونرحب به، وهو جزء من موقف عام عربي، فعديد من الدول أعربت عن استعدادها تقديم المساعدات اللازمة لإغاثة أهل غزة خلال الحرب الجارية وأيضا في المساعدة بإعادة الإعمار”.

** واشنطن شريكة بالعدوان

وبشأن جهود واشنطن للتهدئة، يقول أبو زهري إن “الإدارة الأمريكية ترسل رسائل عديدة من خلال وسطاء فيما يتعلق بالعدوان الجاري، الموقف الأمريكي بكل أسف فيه انحياز واضح (لإسرائيل) من خلال التدخل لمنع صدور قرار من مجلس الأمن يندد بالاحتلال ويلزمه وقف العدوان على غزة”.

ويكمل: “وأيضا من خلال تقديم شحنات أسلحة ضخمة للاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب، السلاح الأمريكي هو الذي يُقتل به الأطفال والنساء في غزة، والإدارة الأمريكية باتت شريكة في العدوان، وما تمارسه يجعلها طرفا غير نزيه”.

ويشدد على أن “هذه المرة الأكثر تفهما من الإقليم والمجتمع الدولي لموقف حركة حماس، الاحتلال هو الذي فجّر الموقف في المسجد الأقصى (..) ولو تعرضت أي كنيسة أو كنيس في العالم لاقتحام من أي شخص لقامت الدنيا ولم تقعد، كيف لشعبنا الفلسطيني أن يسلم باقتحام المسجد الأقصى”.

ويلفت إلى أن “الاحتلال الإسرائيلي نفذ جرائم كبيرة ومجازر في غزة، في شارع الوحدة مثلا سقط 42 شهيدا في مجزرة واحدة، معظمهم من النساء والأطفال، بيوت تُقصف على أهلها مباشرة، وما زال هناك العشرات تحت الأنقاض”.

** المقاومة مستعدة

وحول مستقبل المواجهة، يقول أبو زهري إن “هذه المعركة لم تخضها المقاومة وحركة حماس من أجل غزة، بل من أجل القدس، وعندها جاهزون لدفع كافة الأثمان مهما بلغت التضحيات والتكاليف، هذا ليس موقف حماس، بل موقف الشعب الفلسطيني”.

ويردف: “المقاومة دائما في حالة استعداد مستمر لمواجهة هذا الاحتلال، غزة محاصرة ومغلقة (منذ صيف 2006) ورغم ذلك نجحنا في صناعة هذه القدرات القتالية العالية، وكل الصواريخ التي ضربناها صُنعت في غزة بأيدٍ فلسطينية، وهي دائما في حالة تطوير مستمر في العتاد والتدريب والقدرات القتالية والأسلحة والخطط”.

ويؤكد أن “الحركة تمتلك من الإمكانات ما يمكنها من الاستمرار لفترة طويلة جدا في هذه المواجهة، وكما عبرت كتائب القسام (الجناح العسكري لحماس) بأنها جاهزة لأكثر من 6 أشهر قادمة، فإننا نقول للاحتلال لا داعي للرهان على الوقت، عليه أن يوقف العدوان، لأننا سنستمر طالما هناك عدوان في الأقصى”.

ويشير إلى أن رئيس وزراء حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين “نتنياهو يوظف الدم الفلسطيني لأغراض انتخابية لضمان رئاسته للحكومة الجديدة، ويوظف معاناة الإسرائيليين أنفسهم، وعلى الإسرائيليين أن يدركوا أنهم يدفعون ثمن إجرام نتنياهو ومحاولة خلق حرب لأغراض انتخابية، ويجب أن يضغطوا عليه لوقف العدوان”.

** قدرات نوعية

وفيما يخص القدرة النوعية العسكرية لـ”حماس”، يقول أبو زهري: “ما استنفدته المقاومة من كمية أو نوع من قدراتها، لا يزال في بداياته، وهي تمتلك الكثير والكثير كمّا ونوعا في هذه المواجهة، والاحتلال الأفضل له أن يوقف الاقتال، وإلا فسيدفع أكثر مما دفع في المواجهة بأيامها الأولى”.

ويزيد بأن “الاحتلال فشل فشلا ذريعا في مواجهة المقاومة، ولذلك يحاول تعويض الفشل باستهداف المدنيين بشكل شرس وخلق حالة من الرعب والهلع لدى المقاومة، ولكن هذا لم يفلح، لأن شعبنا يحتضن المقاومة، ويجمع على مواجهة هذا العدوان وحماية المسجد الأقصى”.

ويكمل: “الاحتلال مثلما يؤذينا في أهلنا وممتلكاتنا هو أيضا يدفع الثمن، كل سمائه مغطاة بصواريخ المقاومة، وهناك حظر جوي وبحري، ومعظم مواطنيه في الملاجئ تحت الأرض، والمؤسسات الاستراتيجية تحت الاستهداف، هناك أعداد من القتلى والإصابات وجنود الاحتلال باتوا يتراجعون عن حدود وتخوم غزة بسبب الاستهداف الكبير”.

** الوضع الإنساني

وعن الوضع الإنساني في القطاع، حيث يعيش أكثر من مليوني فلسطيني، يقول أبو زهري إن الوضع في غزة “قاس على الصعيد الطبي، المستشفيات فارغة من الأدوية وبحاجة لمواد طبية ومعدات، والكهرباء أيضا ربما تأتي ساعتين فقط بسبب نقص الوقود في محطة التوليد ومنع الاحتلال دخول الوقود من جهته”.

ويضيف: “أيضا فيما يتعلق بالمواد والآلات الخاصة بإزالة الركام غير متوفرة، وهذا يدفع إلى استشهاد أناس كان يمكن إنقاذهم بسبب عدم قدرة عملية الإخلاء وإزالة الأنقاض، الناس الذين تهدمت بيوتهم نحن بحاجة إلى بيوت أخرى لإيوائهم، وإعالتهم في فترة الحرب”.

ويشدد على أن “هذه أمور مستعجلة ندعو لتغطيتها من الجانب الصحي والدفاع المدني والطوارئ والإغاثة، والتحضير لعملية إعادة إعمار غزة بشكل كبير. عملية التدمير هائلة غير مسبوقة، هدفها إعادة غزة لعشرات السنين إلى الخلف”.

ويختم أبو زهري بالقول: “لو دُمرت كل غزة سنرد بمقاومة الاحتلال، موقفنا ثابت.. نحن نقوم بما علينا، نملك الدم ونقدمه حماية لأهلنا ومقدساتنا، وعلى الأمة أن تقدم ما تملك وتستطيع، وهو المال لتعزيز أهلنا في غزة والقدس”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى