في حب الضفة الغربية: منبع الروح النضالية في وجه الاحتلال
منذ اليوم الأول، وأنا أرى في الضفة تلك الحجارة الصلبة التي لا تتفتت مهما عصف بها الريح. رجالها، نساؤها، شبابها، وأطفالها؛ كلهم كانوا ولا يزالون شعلة لا تنطفئ. الضفة الغربية لم تكن فقط رقعة جغرافية تحت الاحتلال، بل كانت رمزًا للألم والمقاومة، مختبئة خلف كل حجر مكسور وكل بيت مدمر.
لم يعرف أحد حجم المعاناة التي عاشتها الضفة كما عرفتها هي. اجتياحات متكررة، دمار وخراب، مخططات ومؤامرات أمريكية وإسرائيلية. لكن رغم كل هذا، لم تعرف الهزيمة طريقًا إلى قلوبها. لم تستسلم، ولم تسكت. كانت دوماً في وجه العاصفة، واقفة بشموخ، تحارب بشراسة من أجل البقاء.
آلاف المعتقلين في السجون، ولكن خلف كل قضبان الحديد، هناك نبض لا يتوقف. شباب الضفة، عندما يخرجون إلى الشوارع، لا يخرجون فقط بأجسادهم، بل بأرواحهم التي تتحدى الموت. في انتفاضة القدس عام 2015، لم يكن الخروج مجرد مظاهرة، بل كان إعلانًا صارخًا للعالم: نحن هنا، ولن نختفي. مئات الشباب، كل يوم، كانوا يقفون في وجه الاحتلال، بأيدٍ عارية، ولكن بقلوب مملوءة بالغضب والأمل.
ومن يظن أن الضفة بعيدة عن المواجهة، فهو لم يفهم شيئًا. الضفة في قلب كل شيء؛ في قلب العدوان، في قلب المقاومة، في قلب الاشتباك. والقادم لن يكون أقل مرارة، بل أشد قسوة.
أصوات فلسطينية سعت لإخماد نيران المواجهة، لتبريد الغضب المتأجج. ولكن هذه الأصوات، مهما علت، لن تستطيع أن تكسر إرادة شعب يعيش تحت وطأة احتلال نازي، لا يعرف الرحمة. الضفة بالنسبة للاحتلال ليست مجرد أرض، بل هي حلمهم العنصري، الحلم الذي يرونه أكثر أهمية من تل أبيب نفسها.
المشاريع التي تستهدف الضفة خطيرة، مدمرة. لهذا، نحن بحاجة إلى نهضة، إلى برنامج وطني شامل يواجه هذه المخططات. الضفة محاصرة بالمستوطنات والجدران والحواجز، وما تركوه لنا ليس سوى بقايا سلطة فارغة، لا معنى لها.
الضفة الغربية ليست فقط ساحة للمعركة، بل هي روح القضية. وإذا سقطت، سقطنا جميعًا. لكنني أعلم أنها لن تسقط، لأن من يحملونها في قلوبهم، لم يتعلموا يوماً كيف ينحنون.