مشعل: الحركة الآن تقود الشعب الفلسطيني
في مقابلة مع موقع ميدل إيست آي، قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في الخارج، خالد مشعل، إن الحركة تقود الآن الشعب الفلسطيني، لأن الدور الأولي للقيادة تحت الاحتلال هو قيادة الفلسطينيين نحو الحرية والتحرير.
في مقابلة هي الأولى باللغة الإنجليزية مع الحركة منذ وقف إطلاق النار يوم الجمعة الماضي، دعا مشعل إلى انتفاضة شاملة في “جميع المواقع” داخل أراضي فلسطين التاريخية – القدس المحتلة والبلدة القديمة والضفة الغربية وداخل الأراضي المحتلة عام 1948.
كما قال مشعل الذي ترأس المكتب السياسي لحركة حماس حتى عام 2017، إن الحركة على استعداد للحديث مع الولايات المتحدة.
وقال إن من الغريب أن إدارة الرئيس جو بايدن تستمر في الحديث مع الطالبان، الذين ما فتئوا يقاتلون القوات الأمريكية في أفغانستان بفعالية لما يزيد عن عقدين من الزمن بينما ترفض الحديث مع حماس التي لا تقاتل الولايات المتحدة، ولكنها تصنف حركة إرهابية من قبل واشنطن منذ عام 1997.
وفي رسالة موجهة بشكل مباشر إلى بايدن، أضاف مشعل: “نحن لا نعاديكم وإن كنا نعترض على كثير من سياساتكم المنحازة لصالح إسرائيل وضد مصالحنا العربية والإسلامية. ولكننا لا نقاتلكم. ولذا فنحن مستعدون للتواصل مع أي طرف بدون شروط.”
ولكنه حذر من أن حماس لن تغير موقفها تجاه إسرائيل، وقال: “مهما طال الزمن، وهذه هي رسالتي إلى بايدن، إلى الولايات المتحدة وجميع الدول الغربية التي ماتزال تضع حماس على قوائم الإرهاب، أقول لهم: مهما طال الزمن حماس لن تخضع لشروطكم.”
وقال مشعل إن البلدان العربية التي طبعت العلاقات مع إسرائيل لم تطعن الفلسطينيين في الظهر فقط بل أضرت بمصالحها من خلال المخاطرة بالتسبب في انطلاق ثورة شعبية.
وحذر قائلاً: “ما يرجون الحصول عليه من إسرائيل هو وهم وخيال. وإذا لم يخجلوا مما فعلوا فإن لديهم حيزاً ضيقاً أمامهم لأن الرأي العام متوجه ضدهم.”
لاحظت حماس في فلسطين حدوث ارتفاع في الدعم الشعبي لها بسبب قرارها إطلاق الصواريخ على إسرائيل رداً على الهجوم الإسرائيلي على المسجد الأقصى وعلى السكان في حي الشيخ جراح.
اقرأ أيضا : لوبوان: هكذا خرجت حماس أقوى من الحرب ضد “إسرائيل”
جاء ذلك الدعم من مواقع خارج مناطق نفوذها التقليدية وحيث يتعرض أعضاؤها باستمرار للاعتقال، في الضفة الغربية وفي أوساط فلسطينيي 48.
ولدى سؤاله ما إذا كان يرى بأن محمود عباس قد بقيت لديه أي سلطة كرئيس فلسطيني بعد الجولة الأخيرة من القتال، أجاب مشعل: “نحن لا نستثني أحداً ولا نلغي دور أحد.”
واستدرك قائلاً: “ولكن ما من شك في أن الجميع رأي أن مؤهلات حماس ومكانتها في القيادة الفلسطينية قد تعززت لأنها قادت النضال في الجولات الأخيرة وخاصة في الجولة الحالية.”
لقد شوهدت رايات حماس ترفرف للمرة الأولى منذ سنوات عديدة إلى جانب رايات فتح في المظاهرات والاحتجاجات في نابلس. ويوم الجمعة عندما رفض أحد الأئمة أن يذكر غزة في خطبة الجمعة داخل المسجد الأقصى ألجأه المصلون الغاضبون إلى الخروج من المسجد.
وفي القدس وفي أم الفحم هتف المحتجون باسم محمد الضيف، قائد الجناح العسكري في حماس، كتائب عزالدين القسام، والذي حاولت إسرائيل قتله أثناء المواجهة الأخيرة.
قال مشعل إن الوظيفة الأولى للقيادة في مثل هذه الظروف هي النضال والمقاومة وقيادة الفلسطينيين نحو الحرية والتحرير.
الانتخابات ليست الخيار الوحيد
فقط قبل أسابيع من اندلاع القتال، كانت حماس تستعد لخوض غمار المعركة الانتخابية إلى جانب حركة فتح والفصائل الفلسطينية الأخرى قبل أن يعلن عباس عن إلغائها.
قال مشعل إن حماس لديها ثقة بنفسها وأنها مازالت مستعدة لطرح نفسها عبر صناديق الاقتراع، ولكن الانتخابات ليست الخيار الوحيد.
وقال في إشارة واضحة لعباس: “حماس لا تخشى أن تعرض نفسها على الشعب من خلال صناديق الاقتراع. ربما غيرها يخشى ذلك.”
ولكنه مضى ليقول: “ومع ذلك، وتارة أخرى، هل الانتخابات هي الخيار الوحيد؟ هل هي الجزئية الوحيدة في منظومة المصالحة وإصلاح البيت الفلسطيني؟ لا.”
اقرأ أيضا : حماس: المقاومة انتصرت وهذه رؤيتها للمستقبل
وقال مشعل إن الفلسطينيين شعب واحد بقضية واحدة، ودعا إلى “انتفاضة شاملة في كل المواقع.”
وأضاف: “في القدس حيث الخطر محدق بالمسجد الأقصى وبحي الشيخ جراح وبالبلدة القديمة بل وبالقدس كلها، وفي الضفة الغربية حيث الاحتلال والاستيطان وقطع الأوصال ومصادرة الأراضي، وفي الثمانية والأربعين حيث التمييز العنصري ومحاولات طرد وإبعاد شعبنا في الثمانية والأربعين باستخدام القانون، وكذلك المقاومة في غزة، وحتى في الشتات. كلهم يشاركون في حمل مسؤولية التحرير.”
بينما كان مشعل يتحدث كان المستوطنون الإسرائيليون بمساندة من الشرطة يقتحمون المسجد الأقصى ثانية.
لدى سؤاله عما يمكن أن يجعل حماس تلجأ إلى إطلاق الصواريخ ثانية، قال مشعل إن وقف إطلاق النار لم يكن مشروطاً فقط بإنهاء إسرائيل هجماتها على غزة، بل وأيضاً بإنهاء اقتحامات قوات الأمن الإسرائيلية للمسجد الأقصى وبإنهاء عمليات طرد الفلسطينيين سكان حي الشيخ جراح وسكان القدس الشرقية.
وقال: “إنما اندلعت المعركة لتلك الأسباب. سوف تتوقف صواريخ المقاومة من غزة إذا انتفت تلك الأسباب.”
ولكنه مضى ليقول إن كل منطقة تحت الاحتلال لها أن تختار شكل المقاومة الذي يناسبها.
وقال: “لا يوجد شكل واحد يناسب الجميع وفي نفس اللحظة.”
إسرائيل “تدفع الثمن”
وقال مشعل إن الجولة الأخيرة سلطت الضوء على دور الفلسطينيين الذين يعيشون داخل حدود فلسطين 1948.
وقال: “لقد بعثوا برسالة مفادها أننا جزء أصيل من هذا الشعب وأنهم ينصرون الأقصى وحي الشيخ جراح وغزة كما يهب أي فلسطيني لمساعدة أخيه الآخر.”
وأضاف إن إسرائيل سوف تدفع أيضاً ثمن سياساتها العنصرية وانتهاكاتها لحقوق مواطنيها الفلسطينيين مما كشف عن “هشاشة” دولة إسرائيل.
وقال: “لقد بات واضحاً لجميع الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية ولأحرار العالم، بأن إسرائيل تعد أيامها وأن كيان الاحتلال والاستيطان والاستعمار لا مستقبل له في المنطقة.”
طلب موقع ميدل إيست آي من خالد مشعل أن يفسر كيف انتقلت حماس من موقع المنافسة على الانتخابات، على الرغم من أن المئات من أعضائها كانوا يتعرضون للاعتقال في الضفة الغربية، إلى إطلاق الصواريخ.
حينها كان يدور نقاش حاد داخل حماس حول الحكمة من المنافسة في الانتخابات في ظروف لا يتسنى للحركة فيها العمل بحرية كحزب سياسي. ثم ما لبثت الانتخابات أن تأجلت، وإن كان كثيرون يرون أنها ألغيت، من قبل عباس الذي تحجج برفض إسرائيل السماح للمقدسيين بالتصويت.
أكد مشعل وجود “نقاش داخلي” حول الحكمة من المشاركة في الانتخابات في الضفة الغربية، ولكنه أصر على أن الانتخابات من حيث المبدأ لم تكن موضع اعتراض.
وقال مفسراً الانتقال من صناديق الاقتراع إلى الصواريخ إن قرار إلغاء الانتخابات أثار “السخط والإحباط” وأوجد حالة من الدهشة: “لماذا هذه الخطوة؟”
ثم جاء العنف ضد المصلين والمحتجين في الأقصى والتهديد بإخلاء سكان حي الشيخ جراح من بيوتهم.
واتهم إسرائيل بالمبادرة بالعدوان، وقال إن حماس حذرت إسرائيل، ولذلك فإن إسرائيل لم تفاجأ بنيران الصواريخ.
وقال مشعل: “عندما اقتحمت المسجد الأقصى في الأيام الأواخر من شهر رمضان، اضطرت المقاومة إلى الرد … وبدأت المعركة.”
وأضاف: “لا يوجد تناقض بين المشاركة في المعركة السياسية من خلال الانتخابات والشراكة ودعم القضية والتعبئة من أجلها عبر المنتديات العالمية من جهة والمشاركة في القتال من جهة أخرى. فكلا المعركتين ترتبطان ببعضهما البعض.”
ولدى سؤاله عمن اتخذ قرار إطلاق الصواريخ، قال مشعل إن الحركة لديها قيادة واحدة، ولكن كل مكون من مكوناتها يتخذ القرارات المتعلقة باختصاصه.
ومضى يقول: “عندما تتخذ قيادة القسام قراراً متعلقاً بأداء المعركة فإنها تقرر بناء على الاستراتيجية والقرار العام للحركة. ونفس الشيء ينطبق على من يعملون في تعبئة الجماهير أو في العلاقات السياسية. فهذه قرارات تفصيلية في مجالات العمل، وكلها ينبع من القرار المركزي الذي تتخذه قيادة الحركة.”
“المصالح المشتركة” مع مصر
تحدث مشعل عن مصر بعبارات دافئة، وذلك على الرغم من أن الرئيس عبدالفتاح السيسي قام بانقلاب عسكري على رئيس البلاد المنتخب محمد مرسي المسنود من جماعة الإخوان المسلمين وارتكب مجزرة بحق أنصاره في رابعة، وكذلك أحكم الحصار على قطاع غزة من خلال تدمير أنفاق حماس والجانب المصري من منطقة رفح الحدودية.
فقد قال مشعل إن دور مصر في الشأن الفلسطيني دور أساسي، على الرغم من وجود خلافات.
وأضاف: “تتطلب المصالح المشتركة أن يعمل الطرفان معاً، وقد توفر أدواراً يتفق الجانبان عليهما ويعملان فيها معاً على الرغم من الخلافات، مثلما أشارت أنت بخصوص موضوع جماعة الإخوان المسلمين وغيرها.”
ومضى يقول: “نحن في حماس، وعلى الرغم من أننا جزء أصيل من الإخوان المسلمين، إلا أننا حركة مقاومة ولا نتدخل في شؤون الآخرين، ونحن نتعامل مع البلدان الإسلامية، ومع غيرها، على أساس قضيتنا ومصالحها دون التدخل في شؤونهم ودون أن يتدخلوا هم في شؤوننا. ولذلك، فإننا نرحب بالدور المصري كما نرحب بأدوار الدول العربية والإسلامية أو أي بلد في العالم طالما أن ذلك يخدم شعبنا ويوقف العدوان ضده ويخدم صموده.”
وقال القائد الحمساوي المتمرس إن الدول العربية تتحمل مسؤولية الخروج باستراتيجية لاستعادة فلسطين والقدس والأقصى وإنهاء الاحتلال.
وقال: “أعتقد أن الجميع قد أدرك عبثية المفاوضات وعدم نجاعة عملية السلام واتفاقيات السلام مع إسرائيل وعبثية التطبيع. إن الذين ظنوا أن إسرائيل جزء طبيعي من المنطقة مخطئون. ظن بعضهم أن بإمكانهم الاستقواء بإسرائيل في مواجهتهم لبعض خصومهم هنا أو هناك.”
وأضاف: “الكل على يقين الآن بأن إسرائيل هي العدو الحقيقي للمنطقة وأن إسرائيل كيان هش وأن بإمكاننا أن نهزمها بدلاً من الاستمرار في الشكوى حول السياسة.”
وقال إن مصر غير راضية عن سياسات إسرائيل تجاه سد النهضة في إثيوبيا والذي ترى فيه القاهرة تهديداً لأمن مصر القومي، وأن من المؤكد أن مصر غير سعيدة بما يرد من تقارير حول خطط إسرائيل لحفر قناة ملاحية بديلة لقناة السويس.
وأضاف: “ولذلك، وبدلاً من الشعور بالعجز إزاء الانتهاكات والمخططات الإسرائيلية، هذه فرصة سانحة … فالمقاومة في فلسطين وهذه الانتفاضة العظيمة لشعبنا تقول للعرب يا جماعة نحن أمة واحدة ولدينا نفس المصالح، فدعونا نبني على هذا الإنجاز. دعونا نقاتل في معركة واحدة، ليس فقط من أجل إنقاذ واستعادة فلسطين ولكن أيضاً من أجل حماية الأمة بأسرها.”