مقالات

هل يسجل التاريخ أبطالاً كعبد الحميد أم أن زمنَ الأبطال قد مضى؟

أنس ابراهيم

أقام ثيودور هيرتزل زعيم الصهيونية مؤتمرَ بازل في سويسرا عام 1897م معلناً عن لمّ شتات يهود العالم، وتعددت الخيارات والمحاولات كأوغندا والأرجنتين وغيرها، ليستقر الخيار على فلسطين لتكون أرض الميعاد والأجداد ومستقراً لشتات اليهود في البلاد.
لم يقف عائقاً أمام الحلم الصهيوني الاحتلالي إلا الدولةَ العثمانية التي كانت أرضُ فلسطين المباركة ضمن حدود سيطرتها.

أرسل هيرتزل الوساطات والرسائل للسلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وعرض عليه خلالها المغريات التي لم تلق اهتمام أو ردّ السلطان، وفي 1901/05/18 سنحت الفرصة لزعيم الصهيونية هيرتزل للقاء السلطان ولم يجرؤ وقتها أن يطلب فلسطين صراحةً واكتفى بتقديم عروض تسوية الدَّين العام وإنعاش إقتصاد الدولة العثمانية المتهالك حينها، وخرج هيرتزل خائب الأمل والرجاء، ورغم أنه لم يستسلم إلا أن محاولاته اقتصرت على الرسائل والمكاتيب عبر وساطات تجاهلها السلطان الذي سجل موقفاً لن يمحوه التاريخ من ضمير الأمة حيث صدح واثقاً ” فليحتفظ اليهود ببلايينهم في جيوبهم .. فإذا قُسّمت الامبراطورية يوماً فقد يحصلون على فلسطين دون مقابل …لكن التقسيم لن يتم إلا على أجسادنا”.
وهذا ما حصل فعلاً فقد حصلت الحركة الصهيونية على أكثر مما كانت تتمنى لكن على جثمان الدولة العثمانية ووعد بلفور الذي وعد بما لا يملك لمن لا يستحق.

من وقتها حتى يومنا هذا وفلسطين تتعرض للمؤامرات والمؤتمرات والخيانات والمزاودات ، وأطماع الصهاينة تزداد ومحاولتهم لا تتوقف، ليصل بنا الحال إلى مشهد مهين لصبي خجول نحيل وفيّ لموروث جده وأبي الصهيونية هيرتزل، يحاضر بزعماء العرب، يتوسطهم ..يعلوهم.. واقفاً أقدامه بمستوى رؤوسهم يحمل مؤشره يوزع فيه الأدوار من سيدفع.. من سيقبض ..من سينفذ ومن سيحقق رؤيتنا، والموضوع فلسطين والثمن شرفنا وعرضنا وقدسنا والذي سيدفع هم الحاضرون، والمستفيد الوحيد هي الصهيونية التي تسعى لتحقيق مجدها على يد كوشنر حفيد الصهاينة، والعراب ترمب الساعي لتسطير بطولة ومجد شخصي وينفذ وعداً سيكون وعدَ بلفور الجديد.
هذا المشهد يروي لنا أن التاريخ لم يسجل أبطالا ً بعد عبد الحميد إلا أحفاد الياسين والشقاقي وأبو هنود كفارس عودة وعمر أبو ليلى وجرار الشهيد، وسيُسدَل الستار على فصل من فصول التاريخ وقد سقطت ورقة التوت لتكشف عورات البائعين، وسننتظر نصراً على يد الأبطال المقاومين من أحفاد خالد وأبوعبيدة وصلاح الدين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى