مقالات

المريض المغترب والمستشفيات الحكومية في تركيا

الدكتور وسيم بكراكي

منذ مدة وانا اعمل على دراسة هذه الحالة بشكل دقيق لكي أتمكن من تقديم النصيحة بشكل فعال وموثوق. لم يكن لي خبرة في التعامل مع مستشفيات الدولة رغم أني مقيم منذ أكثر من 27 سنة في هذا البلد ولكني أكاد أجزم اني لم أذهب اليها ابدا إلا في حالات خاصة ضمن نطاق عملي كطبيب للمشاركة في دورات خاصة أو لزيارة أحد الكوادر الطبية من الزملاء أو لعيادة أحد المرضى.


قد يظن كثير من المغتربين أن مستشفيات الدولة تعني أنها مجانية أي مجانية الكشف، مجانية التحاليل، مجانية العلاج السريري….الخ ولا يقتنع أحدهم بعكس ذلك إلا عندما يقع الفأس في الرأس فيبتلى بفاتورة تقض مضجعه وتهد حالته الاقتصادية والمعيشية.


منذ عدة أشهر تواصل معي أحد الآباء من الجنسية المغربية كما أذكر وأخبرني عن حالة ابنه الرضيع ومدة بقائه في العناية مدة من الزمن وفاتورة ضخمة فاقت 50 الف ليرة تركية وأن ابنه ما زال في المستشفى لا يستطيع أخراجه لأنه للأسف حالة غير قابلة للشفاء ولا يدري كيف يخرج من المأزق الذي هو فيه وهو لا يملك حتى قوت يومه.


حاولت أن أعرف كيفية مساعدته على الأقل طبياً لما بعد هذه المرحلة وبدأت معي رحلة التعرف على كيفية احتساب فاتورة المريض الأجنبي في مستشفيات الدولة.

يقسم الأجنبي في تركيا إلى أنواع:

  1. الأجنبي الذي يمتلك إذن عمل وبالتالي يمتلك تأمين SGK إذن هو مثل التركي يدخل إلى مستشفى الدولة ويعالج يشكل مجاني بتغطية من التأمين الذي لديه هو وأفراد عائلته بشرط أن يقوم بإعادة تسجيلهم كعائلته كلما جدد لهم الإقامة.
  2. الأجنبي الذي يمتلك إقامة ولا يمتلك تأمين صحي مثل الإقامة السياحية أو العقارية الخ… هؤلاء يعاملون كالاجانب أيضا اذا لم يكن لديهم تأمين صحي، ولا يستفيد أحدهم من تأمين الإقامة بشيء لأنه عادة تأمين قيمته متدنية جدا تجعل منه شبه صوري بلا قيمة فعلية.
  3. الأجنبي بدون إقامة والذي أتى بغرض السياحة أو عابر سبيل.
  4. هناك فئة مختلفة تماماً وهي السوريون المقيمون في البلد أو من هو بمثل حالتهم يمتلك كمليك إقامة لجوء. هؤلاء يعاملون حسب المدينة التي يمتلكون إذن إقامة فيها. فإذا كانت اقامته في اسطنبول وذهب إلى مستشفى في اسطنبول لا يدفع أي شيء مثل التركي الذي يمتلك تأمين صحي. ولكن إذا كانت اقامته في اسطنبول وذهب إلى مستشفى في أنقرة مثلاً فهو يدفع كشفية بقيمة 50 ليرة مثلاً ، ويدفع عن التحاليل والعلاج بنسبة معينة (أظن أنها نصف القيمة الرسمية للتركي بلا تأمين صحي) بنفس الشكل. وهو نوع من تحفيز اللاجئين لكي يلتزموا بمكان إقامتهم الذي سُمح لهم بالتواجد فيه. كنوع من تنظيم لعملية اللجوء والله أعلم.

    الأمر الذي يجب الحذر منه بشكل كبير هو أن الفئة 2 و 3 يعاملون تحت بند “السياحة الطبية” في مستشفيات الدولة يعني أن المريض الأجنبي يحاسب بفاتورة مضاعفة ، أي القيمة التي يدفعها التركي الذي لا يمتلك تأمين مضروبة برقم 2. إذا كان الأجنبي يدفع 800 ليرة انت تدفع 1600 ليرة كمثال بسيط.
    بناء عليه، وبهدف النصيحة في هذا الشأن أقول.

    إذا تعرضت لموقف فاتورة ضخمة في مستشفيات الدولة يمكنك مراجعة قسم الفواتير fatura birimi وتطلب من الموظف هناك أن يقوم بدمج الحساب ضمن الحزمة اليومية للعلاج. فهذا الأمر قد يساعد في تخفيض المبلغ العام بنسبة معينة خاصة إذا كان المريض مريض عناية مركزة فهؤلاء المرضى يكون اعتماد حسابهم وفق حزمات محددة السعر يوميا.

    يجب علينا أن نتأكد عند مراجعة المستشفى الحكومي وأن نسأل عن قيمة العلاج الذي سيقدم لنا قبل الوقوع في المأزق، فسعر الدولة قد يكون بسعر أكبر بكثير من السعر الذي قد تحصل عليه في المستشفيات الخاصة التي ستعامل فيها بعناية خاصة ورفاهية أكبر بكثير. ولا تنسى أن المستشفيات الخاصة أيضا لديها مستويات وتصنيف خاص بها درجة أولى وثانية وثالثة. ..الخ. وفيها من المستشفيات من لديها أسعار مقبولة جدا وأرخص بالتأكيد من أسعار الدولة. وكمثال بسيط… سعر الليلة في الحضانة للخدج عند الدولة للأجنبي هي تقريبا 3500 ليرة بينما في مستشفيات خاصة كثيرة هذا السعر لا يتعدى أحياناً 800 ليرة أو 1600 ليرة… لاحظ الفرق وبخاصة اذا جمعت الفرق لمدة 7 أيام أو 10 أيام. ….سيكون المبلغ كبيراً فعلا.

    أما إذا كنت تنوي الإقامة في تركيا فأنت بحاجة فعلية للحصول على تأمين صحي فعلي وليس التأمين الصوري الذي تقدمه لك شركات الإقامة بقيمة 250 أو 300 ليرة. هذا التأمين هو تأمين فاشل لا يغطي إلا الصورة الرسمية لتتمكن من الحصول على الإقامة وهو مال مهدور منك. لهذا حاول ان تبحث بشكل فعلي أكثر على مستوى تأمين أفضل من المعروض عليك. قد يكلفك مالا أكثر ولكنك ستعوض هذا المال عند أي مرض قد تصاب به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى