رئيس التحرير

دعم واشنطن للكيان الصهيوني بأسلحة متطورة يجعلها شريكا في العدوان على غزة

إبراهيم المدهون

الولايات المتحدة الامريكية ترعى الاحتلال الاسرائيلي وتعتبره الولاية 51 حيث تعتبر دولة الاحتلال نفسها قاعدة متقدمة وفي قلبها الشرق الأوسط والمقاومة الفلسطينية، فحينما تواجه الاحتلال الإسرائيلي لا تواجه “تل أبيب” بل تواجه على الحقيقة واشنطن وامكاناتها في المنطقة.


ففي معركة سيف القدس لم تكن الطائرات الاسرائيلية هي التي تقصف بل كانت الامريكية مثل F35 والشبح، كل هذه كانت أسلحة أمريكية، إذ أقامت الولايات المتحدة بعدوان 2014 جسرا جويا مع “تل ابيب” من أجل امدادها بالأسلحة والذخيرة، ولكن كل هذا السلاح والدعم للاحتلال ليس بالضرورة سيؤدي للانتصار أو الاستمرار بهذه العملية، وأعتقد أن هذه الأسلحة ستكون وبالا على الاحتلال الاسرائيلي لوجود إرادة فلسطينية دائمة بالمواجهة والمقاومة وقتل هذا السرطان من قلب هذه الامة.


لا يوجد أي معركة ولا أي مقاومة دون دفع أثمان ووقوع ضحايا، لقد اختار الشعب الفلسطيني طريق ذات الشوكة المليء بالآلام، لكن الشعب الفلسطيني منذ البداية كان صامدا في المواجهة ولم ينحني للاحتلال الاسرائيلي وأسلحته، والتي لم تغير الواقع الفلسطيني.


إن وجود أكثر من 7 مليون فلسطيني على الأرض الفلسطينية رغم التهجير والقتل دليل على فشل الدعم الأمريكي المستمر للاحتلال، علاوة على ذلك إن رغبة المستمرة التي يحملها اللاجئون الفلسطينيون في الشتات وحراكهم المستمر وخصوصا في سيف القدس دليل على وجود شعب حي في الداخل والخارج.


مشروع المقاومة يدرك حجم التحديات والصعاب أماهه باعتقادي ما يحدث ليس انتحارا بل نجاة، إن الانتحار هو الاستسلام لهذه الإرادة والقوة خصيصا إذا كانت قوة طاغية وغاشمة لا تمتلك الحق. الشعب الفلسطيني يمتلك قوة الحق والصمود والإرادة والصبر.


جميع قدرات الجيش الإسرائيلي لن تجدي نفعا أمام صاحب الأرض، رغم بعده عن غزة 10 كيلو مترات لم نرى أي تقدم للآليات العسكرية المدعومة أمريكيا، لأنه المقاومة استطاعت اسقاط ذلك من حساباته إن دخول واجتياحها لم يعد قائما بعد، لم يعد يمتلك الاحتلال سوا سلاح الجو المدعوم من الولايات المتحدة وهذا السلاح غير قادر على الحسم وفرض معادلة الردع والهيمنة كما كان في السابق، بل أصبح مجرد آلة للقتل والدمار.


يدرك الشعب الفلسطيني جيدا أنه في مرحلة تقدم رغم الدعم الأمريكي السخي وصفقات التسوية الفاشلة، إن منحنى الاحتلال الإسرائيلي بدأ في الانحدار والتراجع بينما منحنى الشعب الفلسطيني في صعود وتميز. إن العم سام لم يعد القوة الوحيدة المسيطرة في العالم هناك العديد من القوى الصاعدة لكنها ما زالت هي القوى الأكثر حضورا وتدخلا في الشأن الفلسطيني.


إن السياسة الأمريكية تحمل على عاتقها مشروع التسوية والذي انطلق في مطلع التسعينات بمدريد وصولا إلى اتفاقية أوسلو سريعا ببداية الألفية بسبب فشل اتفاقية كامب ديفيد الثانية واشتعال فتيل الانتفاضة الثانية، لازمت محاولات البيت الأبيض في حل القضية الفلسطينية العديد من التدخلات بالشأن الفلسطيني والوقوف مع طرف ضد طرف آخر، إلا أن مجيء ترامب وسلوكه المستمر بتجاهل التراكمات السياسية السابقة أدى لفقدانها البوصلة في إدارة هذا الملف الإقليمي والدولي الحساس.


باعتقادي الولايات المتحدة الامريكية لا تمتلك أي رؤية سياسية جديدة في التعاطي مع القضية الفلسطينية، حيث يصب اهتمامها فقط في دعم الاحتلال الإسرائيلي ماليا وعسكريا، يمكن القول إنها قد فقدت قدرتها على حماية الاحتلال الإسرائيلي من التراجع الذي يعيشه. العديد من الاشكاليات الداخلية تتصاعد وتتزايد مع مرور الزمن هناك فراغ أمني وعسكري كشفتها معركة سيف القدس.


لقد استطاع قطاع غزة المحاصر المدمر جراء التواطؤ الأمريكي والدولي مع الاحتلال الإسرائيلي الحاق هزيمة نكراء وضرب قلبه “تل ابيب”، علاوة على إحاطته وارعاب هذا الكيان الهش والضغط عليه وعلى الولايات المتحدة لوقف العدوان، يجب أن يعي العالم أننا امام مرحلة جديدة في المنطقة لا يصلح فيها سوا ارضاء الشعب الفلسطيني وارجاع حقوقه المسلوبة والمتمثلة بانسحابه من الضفة والقدس ورفع الحصار عن قطاع غزة.


هناك صراع بين إدارة بايدن ونتنياهو وأخرى داخلية اسرائيلية صفقات السلاح المتعاقبة تأتي في سياق دعم طرف على طرف داخل الاحتلال الإسرائيلي وليس لها أية صلة بمحافظتها على التزامها بتفوق الاحتلال الدائم في المنطقة ولن تسعف المحاولات الأمريكية من تفادي الانهيار داخل المؤسسات الأمنية والسياسية الإسرائيلية، إذ تشير القراءة الموضوعية بأن الواقع الداخلي بدأ بالتآكل وعليه تسعى الولايات المتحدة حماية واسناد موقعها المتقدم في المنطقة ورأس حربتها في الشرق الأوسط.


وغالب الظن أن نجاحها أمريكا لم يعد ممكنا لأن أزمة المشروع الصهيوني الآن تكمن في داخله لوجود العديد من المشاكل المجتمعية والأمنية والعسكرية المعقدة، هناك قصور في الرؤية لدى واشنطن لأن ما تقوم به لا يعدو عن كسب وقت على المدى المنظور.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى