بتوقيت القدس

“الزيتونة” يعقد تقييما استراتيجيا لتطورات القضية الفلسطينية

عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، الجلسة الأولى من حلقة نقاش بعنوان “قضية فلسطين: تقييم استراتيجي 2020 وتقدير استراتيجي 2021”.


وشارك في حلقة النقاش التي عُقدت الثلاثاء، نخبة من المتخصصين والمهتمين بالشأن الفلسطيني، وناقشوا خلالها المحور الفلسطيني الداخلي، والمحور الإسرائيلي الداخلي، ومسار التسوية السلمية، والبيئة العربية المؤثرة في القضية الفلسطينية.


وتحدث خلال حلقة النقاش، التي أدارها الدكتور محسن محمد صالح، كل من ساري عرابي، وهاني المصري، ومهند مصطفى، وأشرف بدر.


وأكد عرابي في مداخلته، أن موافقة حركة حماس على انتخابات غير متزامنة ليس بسبب نجاح جو بايدن بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، بل بسبب سعيها لتذليل العقبات أمام الوحدة الوطنية.


ورأى عرابي أن الدعوة إلى الانتخابات كمدخل وحيد لإنهاء الانقسام ليس أمرا جديدا، وفي حال تمت الانتخابات فلا يعني ذلك إنهاء الانقسام؛ فهناك خلاف بين حركتي فتح وحماس حول نظرتهما إلى النظام السياسي الفلسطيني؛ فحماس لا تعترف بالوظيفة التي تأسست عليها السلطة الفلسطينية وهي وظيفة أمنية بالدرجة الأولى.

جوهر الخلاف


وتابع: “فجوهر الخلاف هو خلاف بين برنامجين؛ برنامج يقوم على تحصيل الحقوق الفلسطينية من خلال التسوية السلمية مع الاحتلال والذي أثبت فشله خلال السنوات الماضية، وبرنامج يقوم على أساس مقاومة الاحتلال بكل الوسائل وفي مقدمتها المقاومة المسلحة”.


وأكد عرابي أن “عباس معني بانتخابات تشريعية لتجديد شرعية السلطة الفلسطينية وتجديد المسار التفاوضي للسلطة ولكنه غير معني بانتخابات مجلس وطني فلسطيني وإعادة بناء منظمة التحرير؛ فالخشية أن تؤدي الانتخابات إن حدثت إما إلى إعادة تدوير الانقسام الفلسطيني، أو إلى جر حماس إلى المربع السياسي لحركة فتح. ويبقى أن مسار المصالحة والانتخابات محكوم بالعديد من الاعتبارات؛ سواء مراكز النفوذ داخل حركة فتح أو مواقف الأطراف الدولية والإسرائيلية والعربية”.


بدوره، تحدث المصري حول ملف التسوية السلمية ومشاريع الضم الإسرائيلي خلال سنة 2020، فرأى أنه على الرغم من أن صفقة القرن تعكس الرؤية الصهيونية لمقاربة الصراع، إلا أن اليمين الإسرائيلي يرفض أي صفقة تضع حدودا لأي دولة فلسطينية.


وتوقع أن يبقى جوهر صفقة القرن في عهد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، مؤكدا أن بايدن هو من الرؤساء الأمريكيين المؤيدين للصهيونية، فهو لن يمارس ضغوطات على الاحتلال الإسرائيلي خلال عهده؛ خصوصا أن هناك أولويات بالنسبة للرئيس الأمريكي أهم بكثير من القضية الفلسطينية. لذلك على الجانب الفلسطيني أن يتنبه لهذه النقطة وأن يعتمد على نفسه في كفاحه الوطني.


واستغرب المصري سلسلة التنازلات التي بدأت تُقدمها قيادة السلطة في أعقاب إعلان فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، خصوصا فيما يتعلق بملف الأسرى والتنسيق الأمني مع الاحتلال، فهذه التنازلات لن تُعيد العلاقة مع الجانب الأمريكي إلى سابق عهدها ولن تفتح أبواب المساعدات الأمريكية إلى السلطة بدون مقابل.


ورأى المصري أن طريقة إدارة حماس لملف الصراع مع الاحتلال في الآونة الأخيرة وتكيّفها مع المتغيرات الدولية والإقليمية لن يوقف عملية استهدافها. كذلك الأمر بالنسبة لفتح والسلطة. فالحل يكمن في ترتيب البيت الفلسطيني على أساس المصالح الفلسطينية وإنهاء الانقسام على أساس وطني. ورأى أن سلطة أوسلو يجب أن تتغير من خلال تبني برنامج وطني، ولا يجب أن تُحل. الرهان الأساسي يجب أن يكون على الشعب وعلى الصمود وعلى المقاومة، ولا انتخابات حرة تحت سلطة الاحتلال.

الأزمات العربية 


من جانبه، رأى مصطفى أن النظام السياسي الإسرائيلي في سنة 2020، أصبح أسيرا لكتلة اليمين التي تتكون من يمين محافظ وقومي ديني؛ فاليمين المحافظ تمثل في حزب أزرق أبيض، والقومي الديني تمثل في الكتلة اليمينية المهيمنة برئاسة حزب الليكود؛ فالانتخابات القادمة سيكون التنافس فيها داخل التيار القومي الديني.


وأشار إلى أن “إسرائيل” باتت خلال العامين الماضيين، من أكثر الأنظمة السياسية غير المستقرة من حيث الحوكمة، فهناك انتخابات وتغيير حكومة كل سنتين وثلاثة أشهر. وهناك حالة تشظٍّ داخل الكتلة اليمينية المسيطرة على الحكم، كما أن هناك حالة سيولة تتمثل في الانشقاقات داخل الأحزاب والتنقل بين الأحزاب أو تفكك أحزاب وتأسيس أخرى في داخل التيار القومي اليميني خصوصا. على الرغم من حالة التشظي فإن حزب الليكود ما زال الحزب المهيمن في السياسة الإسرائيلية؛ حيث تشير استطلاعات الرأي إلى إمكانية حصوله على 28 مقعداً في الانتخابات القادمة. ورأى مهند أن اتفاق أوسلو في وضعه الحالي يعزز قوة اليمين الإسرائيلي؛ والسؤال هو كيف نُحَوِّل هذا الواقع إلى حالة نقيضة مع المشروع الصهيوني؟


من جهته، ذكر بدر أن أزمات الدول العربية انعكست بشكل سلبي على القضية الفلسطينية؛ وأن ردة الفعل العربية على صفقة القرن لم تكن على مستوى الحدث، ولم تلب الطموحات فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.


وأكد أن موجة التطبيع العربية الإسرائيلية كان لها أثر سلبي، وزادت الضغوطات على الجانب الفلسطيني. فالعدو الإسرائيلي استفاد من حالة الانقسام بين الدول العربية، كما استفاد من حالة الصراعات والحروب داخل بعض الدول العربية ليزيد من حالة التهميش، التي تعانيها القضية الفلسطينية، ومن تراجع الدعم العربي والإسلامي.


وكان هناك العديد من المداخلات الغَنيّة والمهمة التي شارك فيها، باسل خلف وأمين حطيط وعبد الحميد بن سالم وجواد الحمد وزياد إبحيص ومريم أبو دقة ووائل نجم وأيمن زيدان وعدنان أبو عامر وزهير هواري وأحمد نابلسي وحسام شويكي.


وفي ختام المؤتمر، نوه صالح إلى ما تمّت مناقشته من تقييمات وتوقعات لمسار القضية الفلسطينية، آملا أن تسهم في خدمة القضية والأطراف العاملة لأجلها.


وقال إننا نعيش في ظرف تاريخي، حيث إن المنطقة يعاد تشكيلها، وبالتالي نحتاج لحالة وعي كبيرة، كما أكد على ضرورة أن يرتقي الجميع إلى مستوى مسؤولياتهم، والعمل على إعادة بناء مشروع وطني فلسطيني حقيقي في مواجهة الاستحقاقات القادمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى